وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمر ، وأبو جعفر ، ورويس عن يعقوب : أأنبئكم بتسهيل الهمزة الثانية واوا. وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وروح عن يعقوب ، وخلف : بتخفيف الهمزتين.
وجملة (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ) مستأنفة وهي المنبّأ به. ويجوز أن يكون (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) متعلقا بقوله : «خير» و «جنّات» مبتدأ محذوف الخبر : أي لهم ، أو خبرا لمبتدإ محذوف. وقد ألغي ما يقابل شهوات الدنيا في ذكر نعيم الآخرة ؛ لأنّ لذة البنين ولذة المال هنالك مفقودة ، للاستغناء عنها ، وكذلك لذة الخيل والأنعام ؛ إذ لا دوابّ في الجنة ، فبقي ما يقابل النساء والحرث ، وهو الجنّات والأزواج ، لأنّ بهما تمام النعيم والتأنّس ، وزيد عليهما رضوان الله الذي حرمه من جعل حظّه لذّات الدنيا وأعرض عن الآخرة. ومعنى المطهّرة المنزّهة ممّا يعتري نساء البشر ممّا تشمئزّ منه النفوس ، فالطهارة هنا حسية لا معنوية.
وعطف (رِضْوانٌ مِنَ اللهِ) على ما أعدّ للذين اتّقوا عند الله : لأنّ رضوانه أعظم من ذلك النعيم المادي ؛ لأنّ رضوان الله تقريب روحاني قال تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) [التوبة : ٧٢].
وقرأ الجمهور : (رِضْوانٌ ـ بكسر الراء ـ وقرأه أبو بكر عن عاصم : بضم الراء وهما لغتان.
وأظهر اسم الجلالة في قوله : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) ، دون أن يقول ورضوان منه أي من ربّهم : لما في اسم الجلالة من الإيماء إلى عظمة ذلك الرضوان.
وجملة (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) اعتراض لبيان الوعد أي أنّه عليم بالذين اتّقوا ومراتب تقواهم ، فهو يجازيهم ، ولتضمّن بصير معنى عليم عدي بالباء. وإظهار اسم الجلالة في قوله : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) لقصد استقلال الجملة لتكون كالمثل.
وقوله : (الَّذِينَ يَقُولُونَ) عطف بيان (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) وصفهم بالتقوى وبالتوجّه إلى الله تعالى بطلب المغفرة. ومعنى القول هنا الكلام المطابق للواقع في الخبر ، والجاري على فرط الرغبة في الدعاء ، في قولهم : (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) إلخ ، وإنّما يجري كذلك إذا سعى الداعي في وسائل الإجابة وترقّبها بأسبابها التي ترشد إليها التقوى ، فلا يجازى هذا الجزاء من قال ذلك بفمه ولم يعمل له.