ودين الله هو الإسلام لقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران : ١٩] وإضافته إلى الله لتشريفه على غيره من الأديان ، أو لأنّ غيره يومئذ قد نسخ بما هو دين الله.
ومعنى تبغون وتطلبون يقال بغى الأمر يبغيه بغاء ـ بضم الباء وبالمد ، ويقصر ـ والبغية بضم الباء وكسرها وهاء في آخره قيل مصدر ، وقيل اسم ، ويقال ابتغى بمعنى بغى ، وهو موضوع للطلب ويتعدّى إلى مفعول واحد. وقياس مصدره البغي ، لكنه لم يسمع البغي إلّا في معنى الاعتداء والجور ، وذلك فعله قاصر ، ولعلهم أرادوا التفرقة بين الطلب وبين الاعتداء ، فأماتوا المصدر القياسي لبغى بمعنى طلب وخصّوه ببغى بمعنى اعتدى وظلم : قال تعالى : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) [الشورى : ٤٢] ويقال تبغّى بمعنى ابتغى.
وجملة (وَلَهُ أَسْلَمَ)» حال من اسم الجلالة وتقدم تفسير معنى الإسلام لله عند قوله تعالى : (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ) [آل عمران : ٢٠].
ومعنى (طَوْعاً وَكَرْهاً) أنّ من العقلاء من أسلم عن اختيار لظهور الحق له ، ومنهم من أسلم بالجبلّة والفطرة كالملائكة ، أو الإسلام كرها هو الإسلام بعد الامتناع أي أكرهته الأدلة والآيات أو هو إسلام الكافرين عند الموت ورؤية سوء العاقبة ، أو هو الإكراه على الإسلام قبل نزول آية لا إكراه في الدين.
والكره ـ بفتح الكاف ـ هو الإكراه ، والكره ـ بضم الكاف ـ المكروه.
ومعنى وإليه ترجعون أنه يرجعكم إليه ففعل رجع المتعدّي أسند إلى المجهول. لظهور فاعله ، أي يرجعكم الله بعد الموت ، وعند القيامة ، ومناسبة ذكر هذا ، عقب التوبيخ والتحذير ، أنّ الربّ الذي لا مفر من حكمه لا يجوز للعاقل أن يعدل عن دين أمره به ، وحقه أن يسلم إليه نفسه مختارا قبل أن يسلمها اضطرارا.
وقد دل قوله : وإليه ترجعون على المراد من قوله : (وَكَرْهاً).
وقرأ الجمهور : وإليه ترجعون ـ بتاء الخطاب ـ ، وقرأه حفص بياء الغيبة.
(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ