وقدم له فرسا ، وأنعم عليه بشيء من الدراهم وقال :
«سلم على والدك الشيخ (١) وقل له شفاعتك مقبولة ، غايته أن القصد وصولك إلينا ، نتفاوض نحن وأنت فيما يعود نفعه علينا وعليك وعلى المسلمين».
وأظهر له الملاطفة ولين المخاطبة ، وبسط له بساط الأمان ، بحيث لم يدخله شك في ذلك ، ودس ما أراد له من الغدر (٢).
ثم توجه ابن كليب إلى والده وهو متشكر من انعام الباشا ، وأخبر والده بحقيقة الواقع ، وأن الباشا في غاية الصداقة والمحبة لك ، وأنه وافق على إطلاق ولد ملحم ، وقبل شفاعتك ، ولكن قصده وصولك إليه لأمور مهمة ، يحتاجك إليها.
فحصل عن كليب غاية التوفيق ، وخاف الغدر منه ، فألزمه ولده بالتوجه إليه ، وقال : «قد كشفت حقيقة الباشا وأمنت غائلته من طرفك ، ولا هناك ما تخشى».
فركب كليب لأمر أراده الله ، وتوجه إلى الباشا ، وقد نصب له شارقة (٣) بعيدة عن الحاج ، وأعدها للاجتماع به ، ولما أراد من الخديعة.
فلما [رأى](٤) كليب البعد عن الحي ازداد أمنا.
فعند وصوله إليه تلقاه الباشا بالرحب والسعة ، وأعد له طبنجة (٥)
__________________
(١) في (ج) «شيخ».
(٢) في (أ) «ودس له ما أراد له من الغدر». والاثبات من (ج).
(٣) قد تكون خيمة وضعها في الموضع الذي تشرق عليه الشمس.
(٤) ما بين حاصرتين من (ج).
(٥) الطبنجة : البندقية. محمود شوكت ـ التشكيلات والأزياء العسكرية العثمانية ٧٧.