وكان لدى المسلمين دار للمجانين ، وصيدليات تعطي الدواء مجانا في ايام معينة ، وكان الاطباء يذهبون مع ادويتهم الى الاماكن التي لا يمكن بناء مستشفى فيها (١).
وقد ذكر القفطي وغيره في ترجمة سنان بن ثابت : ان الوزير علي بن عيسى الجراح ـ في سنة كثرت فيها الامراض والاوباء ـ قد وقع الى سنان بن ثابت يأمره : بأن يفرد لمن في الحبوس كلها اطباء يدخلون اليهم في كل يوم ، ويحملون معهم الادوية والاشربة ، وما يحتاجون اليه من المزورات ويعالجوا من فيها من المرضى.
ووقع اليه توقيعا آخر ، يأمره بانفاذ متطببين ، وخزانة من الادوية والاشربة يطوفون في السواد ، ويقيمون في كل صقع منه مدة ما تدعو الحاجة الى مقامهم ويعالجون من فيه ، ثم ينتقلون الى غيره ، ففعل سنان ذلك (٢).
كما ان المسلمين قد أنشأوا ما نسميه اليوم بالعيادات الخارجية (٣).
هذا ... ولم يكن كل هؤلاء الاطباء يتقاضى اجره ، بل كان من بينهم من يعمل مجانا ، فمثلا لقد « كان ابو بكر بن القاضي ابي الحسن الزهري يطبب الناس من دون اجرة ، ويكتب النسخ لهم (٤) ».
ويلاحظ : انهم كانوا في اوائل امرهم يهتمون بفحص البول ، وبالفصد ، والاستفراغ ، ونحو ذلك ... ولكن هذه المعالجات قد بدأت تتطور نحو الافضل باستمرار ، تبعا للتقدم والنبوغ الطبي ، الذي كان يتجلى يوما بعد يوم ، حتى بعث المسلمون في الطب روحا جديدة ، كما هو المعلوم ومعروف لكل احد.
__________________
(١) تمدن اسلام وعرب ص ٦١٥.
(٢) تاريخ الحكماء ١٩٣ / ١٩٤ ، وعيون الانباء ص ٣٠١.
(٣) مختصر تاريخ العرب ص ٢٨٣.
(٤) عيون الانباء ص ٥٣٦.