لقد اشرنا فيما سبق الى : ان الاسلام يعتبر الطب وظيفة شرعية ، واحد الواجبات التي لا مجال للتساهل فيها.
كما ان من يراجع كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والائمة عليهمالسلام ، وما وصل الينا من كلام لهم في الطب والعلاج ، وهو ثروة كبيرة جدا ، لا تتناسب مع ما لاحظناه من سير هذا العلم في القرن الاول الهجري ونصف الثاني ـ نعم ان المراجع لذلك ـ يخرج بحقيقية هامة ، تتلخص في انهم عليهمالسلام كانوا يحاولون بعث نهضة شاملة في هذا المجال ، تتسم بالشمولية والعمق والدقة ، مستمدة ذلك من الواقعية الرائدة التي تعتمد عليها ، وعلى هدى من المعاني الانسانية النبيلة التي تتجه اليها.
ولكن الذي يظهر : هو ان العرب لم يستطيعوا ان يكونوا في مستوى هذا الحدث الجديد ، الذي هو ظهور الاسلام ... وانما كانت طموحاتهم وتوجهاتهم منصبة على مجالات اخرى ، تتناسب مع ما كانوا يعانونه من تأثرات وتغيرات نفسية وفكرية ، وغيرهما ، مما طرأ عليهم بعد ظهور الاسلام فيهم.
ولا نبعد كثيراً اذا قررنا هنا حقيقة : انه قد كان ثمة اثر كبير للتوجهات التي كانت تفرضها عليهم طموحاتهم ، التي ولدت في ظل ظروف موضوعية معينة متعددة بعد ظهور الاسلام ... والتي كانت تتجه اكثر الى نزعة التسلط والقهر للامم الاخرى ، وبسط النفوذ على اكبر قدر ممكن من البلاد ...
وقد ساعد على ذلك بشكل فعال ... بعض سياسات الحكام الذين جاؤا بعد الرسول صلىاللهعليهوآله ـ باستثناء علي عليهالسلام ـ الذين كانوا غير مستعدين للاستعانة بغير العرب الا بالمقدار الذي يرفع ضرورتهم ، من دون اي توجه الى حاجات ابناء شعبهم ، او حتى التفكير فيها ... هذا عدا عن انهم شعوبا وحكاما لم تسطع