فالظاهر : انه قد تأثر بمزخرفات المستشرقين الذي يحاولون تعظيم وتضخيم دور اي من الامم التي سبقت الاسلام بهدف التخفيف من عظمة البعث الاسلامي ، في مختلف المجالات ، وذلك لاهداف حقيرة لاتخفى ...
وعلى كل حال ... فان مطالعة معالم النهضة الاسلامية الطبية لخير دليل على كذب هذا الادعاء ، ولسوف يأتي بعض ما يشير الى ذلك كما قلنا.
اما الدكتور فيليب حتى يقول : « انشأ الطب العربي العلمي عن الطب السوري الفارسي ، الذي كان يقوم بدوره على اسس من الطب الاغريقي. وقد اشرنا سابقا الى ان الطب الاغريقي ذاته قد استقى كثيرا من الطب الشعبي القديم الذي كان معروفا في الشرق الادنى ، ولا سيما الطب المصري » (١).
ولكن ما ذكرناه نحن آنفا هو الاكثر دقة في هذا المجال ... فان الطب قد كان عند جميع الامم ولكن بمستويات مختلفة ومتفاوتة ، وقد استطاعت جنديشابور ان تحتوي معظم نتاج الامم السابقة ، ثم تصدر ما حصلت عليه الى سائر الشعوب التي كانت بحاجة الى مادة كهذه ومنها العرب ، وان كان العرب قد اقتبسوا ايضا من آخرين ممن حولهم ، كالسوريين ، او غيرهم ... واضافوه الى ما كان عندهم عن الكلدان غيرهم ، ومما حصلوا عليه من تجاربهم ، وان كانت محدودة جداً.
اما جامعة جنديشابور نفسها ؛ فقد انتقل الطب اليها على يد الرومان ، الذين تلقوا معارفهم عن اليونانيين ، الذين قدموا اليهم من مدرسة الاسكندرية.
ويقولون : ان المعالجات في الجاهلية كانت تعتمد على بعض النباتات ، وبالعسل وحده ، او مع مواد اخرى : شرباً تارة ، وعجائن ولصقات اخرى. وبالحجامة ، والفصد ، والكي ، وبتر الاعضاء بالشفرة المحماة بالنار ... هذا بالاضافة الى معالجاتهم
__________________
(١) موجز تاريخ الشرق الادنى ص ١٩١.