وفي البحار ج ٢ روايات متعددة يستفاد منها هذا المعنى.
وواضح ان من يسيىء استعمال العلم ليس ممن يستحق العلم ، ولا هو من اهله ولعل من اظهر مصاديق هؤلاء العدو الغاشم ، فلا بد من الاحتياط منه وعدم اطلاعه لا على الادوية ولا على اسرارها ؛ فعن علي (ع) : ثلاثة لا يستحى من الختم عليها : المال لنفي التهمة ، والجوهر لنفاسته ، والدواء للاحتياط من العدو (١).
واما بالنسبة لغير العدو فقد قال علي بن العباس : ان على الطبيب ان « لا يجوز لهم الدواء الخطر ، ولا يصفه لهم ، ولايدل المريض على ادوية كهذه ، ولا يتكلم عنها امامه ، ولا يجوز لهم الادوية المسقطة للجنين ، ولا يدل عليها احدا (٢) ».
وما ذلك الا لان الطب لم يكن الا لخدمة الانسانية ، والتخفيف من آلامها ، فاذا اسيىء استعماله ، وكان مضرا بالانسان وبالانسانية ، فان الانسانية تكون في غنى عنه ، وليست بحاجة اليه.
وقد جاء في القسم المنسوب الى ابقراط : « واما الاشياء التي تضر بهم ، وتدنى منهم بالجور عليهم فأمنع منها بحسب رأيي ، ولا اعطى اذا طلب مني دواء قتالا ، ولا اشير ايضا بمثل هذه المشورة. وكذلك ايضا لا ارى ان ادنى من النسوة فرزجة تسقط الجنين (٣) ».
وبعد .. فان على الطبيب ان يتحرى الدقة التامة في مجال اجرائه الفحوصات للمريض ، فان ذلك بالاضافة الى انه من مقتضيات الامانة ؛ فانه مما تفرضه المشاعر الانسانية النبيلة بالنسبة لهذا الانسان الذي سلم امره اليه ، وعلق الكثير من آماله عليه .. وقد اشار امير المؤمنين علي (ع) الى ذلك حينما قال ـ فيما روى عنه ـ : « لاتقاس عين في يوم غيم » (٤). وقد تقدم ما فيه اشارة الى ذلك ايضا.
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ٢ ص ٢٨٩.
(٢) تاريخ طب در ايران ج ٢ ص ٤٥٧ عن كتاب : كامل الصناعة الطبية الملكي.
(٣) عيون الانباء ص ٤٥. والفرزجة : شيء يتداوى به النساء ...
(٤) الوسائل ج ١٩ ص ٢٨٠ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٦٨ والفقيه ج ٤ ص ١٠١.