الى غير ذلك من الامور التي يقتضيها البحث : والتي ربما لايمكن تجاهلها فالى المطالب التالية :
لقد بدأت الترجمة في الحقيقة في القرن الاول الهجري ، ولكن بشكل محدود جدا ، ونشطت في مطلع الدولة العباسية ( التي اسست سنة ١٣٢ هـ ) وانتعشت اكثر في زمن هارون ، الذي توفي سنة ١٩٣ هـ. وبلغت ذروتها في زمن المأمون المتوفى سنة ٢١٨ هـ.
وبنشاط حركة التأليف والابداع لدى المسلمين ... بدأت حركة الترجمة بالتراجع ، فلم يعد لها في اواسط القرن الثالث فما بعده رونق يميزها عن غيرها من النشاطات ، ان لم نقل : انها لم يعد لها رونق اصلا ... بل يرى البعض : ان اكثر الترجمات قد كانت ما بين اواسط النصف الاول من القرن الثاني ، وحتى النصف الاول من القرن الثالث (١).
وعلى كل حال ... فقد كان غير المسلمين هم الذين يقومون بأمر الترجمة بصورة عامة ، سواء في ذلك النصارى ، او اليهود ، او غيرهم ... فهم رواد هذه الحركة ، وعليهم كان الاعتماد فيها ... ولكننا لايجب ان ننسى هنا دور النوبختيين في الترجمة ، وهم من الفرس ، المسلمين ، الشيعة ، فانهم قد اسدوا خدمات جلى في هذا السبيل ،
ويقول كوستاف لوبون : ان اول كتاب طبي ترجم الى العربية قد ترجمه هارون سنة ٦٨٥ ميلادية (٢) ... ونحن نعتقد : انه قد غلط في ذلك ، فـ :
اولاً : ان الكتاب هو كناش « اي مجموعة فيها قواعد وفوائد طبية » من مؤلفات ( اهرن ) ، وقد ترجمه ماسرجويه ، اما في زمن عمر بن عبد العزيز ،
__________________
(١) تاريخ طب در ايران ج ٢ ص ١٩٤.
(٢) تمدن اسلام وعرب ص ٦٠٩.