الا ان الانصراف المذكور غير سليم عن المناقشة ، فان التمثيل بالطبيبين الذين احدهما امرأة لايدل على ذلك ، اذ من القريب جداً : ان يكون ذلك قد انغرس في اذهان الناس بسبب فتاوى العلماء على مر العصور ، من دون ان يتصل بزمان المعصوم ، فلا يكون ذلك كاشفا عن رأي الشارع ..
واما بالنسبة الى الخنثى ، فان الرواية المذكورة ناظرة الى صورة النظر الى العورة منها ، وكلامنا انما هو في النظر الى ما سوى العورة .. كما ان تلك الرواية لم ترد في بيان التكليف في مقام المعالجة او التمريض ، وانما في مقام بيان الطريقة التي يتم بها التعرف على حقيقة الخنثى لاجل الارث ..
وعدا عن ذلك .. فاننا يمكن ان ندعي أن السيرة كانت قائمة في زمن النبي (ص) وبعده على تولي النساء معالجة وتمريض الرجال ..
فقد كان لرفيدة خيمة في المسجد تعالج فيها المرضى ، وتداوى الجرحى ، ولما جرح سعد بن معاذ امر النبي صلىاللهعليهوآله ان يجعل في خيمتها حتى يعوده ، وكان (ص) يعوده في الصباح والمساء (١) .. كما انها كانت تداوى جرحى المسلمين يوم بني قريظة (٢).
وقيل : ان كعيبة بنت سعيد الاسلمية كانت تكون لها خيمة في المسجد لمداواة المرضى والجرحى ، وكان سعد بن معاذ عندها تداوى جرحه حتى مات. وهي
__________________
(١) سيرة ابن هشام ج ٣ ص ٢٥٠ ، والاصابة ج ٤ ص ٣٠٢ و ٣٠٣ عن ابن اسحاق ، وعن البخاري في الادب المفرد ، وفي التاريخ بسند صحيح ، واورده المستغفري من طريق البخاري ، وابو موسى من طريق المستغفري والتراتيب الادارية ج ٢ ص ١١٣ وج ١ ص ٤٦٢ و ٤٥٣ / ٤٥٤ عمن تقدم ، والاستيعاب بهامش الاصابة ج ٤ ص ٣١١ ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٣٨٧ عن الاصابة.
(٢) المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج ٨ ص ٣٨٧ عن نهاية الارب ج ١٧ ص ١٩١.