العفو : أجلّ المال وأطيبه (١) ، لا الفضل ، كما زعمه الفضل ؛ لقوله تعالى : ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) (٢) (٣).
كما إنّ المراد بالصنو في الحديث : الصدقة المكرّرة الموصولة بصدقة قبلها (٤) ، وهي أجلّ المال وأطيبه ؛ لانتهاء التكرير إليه عادة ؛ ولذا وصف الصنو وبيّنه في الحديث بالعفو ، أي الأجلّ الأطيب.
ويحتمل أن يكون العفو في الحديث قيدا آخر ، فيكون المعنى : أنّ خير الصدقة ما جمع وصفين : أن تكون لا حقة لصدقة قبلها ، وأن تكون من أجلّ المال وأطيبه ، فلا تنافي هذه الآية والرواية ما فعله أمير المؤمنين عليهالسلام.
ثمّ إنّه ليس المنفق لكلّ الطعام في تلك القصّة هو أمير المؤمنين وحده ، حتّى يكون أجاع أهله ـ كما زعم الفضل ـ ، بل كلّ منهم أنفق قوته كما صرّحت به الرواية.
وأمّا قوله : « وإن صحّ ، الرواية لا تدلّ على النصّ » ..
__________________
(١) انظر : القاموس المحيط ٤ / ٣٦٦ مادّة « عفو » وفيه : « أحلّ » بدل « أجلّ » ، وتفسير الطبري ٢ / ٣٧٧ ح ٤١٧٠ وفيه « أفضل » بدل « أجلّ » ، تاج العروس ١٩ / ٦٨٦ مادّة « عفو » وفيه : « أحلّ » بدل « أجلّ » وقال مصنّفه : « وفي المحكم : أجمل المال وأطيبه ».
(٢) سورة آل عمران ٣ : ٩٢.
(٣) مراد الشيخ المظفّر قدسسره : إنّه كما جاء « العفو » بمعنى « فاضل النفقة » ، فقد جاء بمعنى « أجلّ المال وأطيبه وأحلّه وأجمله » ، وحمله على أحد المعنيين يحتاج إلى دليل ، وهو هنا قائم على المعنى دون الأوّل!
(٤) الصّنو : المثل ، يقال : فلان صنو فلان : أي أخوه ، ولا يكون صنوا حتّى يكون معه آخر ؛ وأصله في النخل ، فكلّ نخلتين فما زاد يكنّ من أصل واحد وفروعهنّ شتّى ، يقال لكلّ واحدة منهما : صنو ، والمراد في الحديث هنا : المتماثل المتكرّر.
انظر : لسان العرب ٧ / ٤٢٥ مادّة « صنا » ، تاج العروس ١٩ / ٦١٠ مادّة « صنو ».