وأقول :
المراد بالفاسق في الآية : الكافر ، ولو في وقت سابق ، بقرينة المقابلة مع المؤمن.
وإنّما قلنا : ولو في وقت سابق ؛ لأنّ الوليد كان حين نزول الآية مسلما ، فإذا دلّت الآية على عدم استواء الكافر ولو في وقت ما مع المؤمن في جميع أوقاته ، على وجه تفيد قاعدة كلّيّة ، كما هو ظاهرها ، وإن نزلت في مورد خاصّ ، فقد دلّت على عدم استواء الخلفاء الثلاثة مع أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ لثبوت الكفر في وقت ، فيتعيّن للإمامة.
فإن قلت : لعلّ المراد بالفاسق ، هو المسلم الذي لم يدخل الإيمان في قلبه ، بقرينة المقابلة مع المؤمن ، وهو الذي دخل الإيمان في قلبه ، قال تعالى : ( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (١) ، وحينئذ فلا يقتضي عدم خلافة الثلاثة ؛ لأنّهم ليسوا كالوليد.
قلت : لو سلّم جميع ذلك ، أو قلنا : إنّ الوليد من المنافقين ، يظهر الإيمان ويبطن الكفر ، كما تدلّ على كفره الآيات اللاحقة لهذه الآية ، حيث أثبتت له التكذيب بعذاب النار ، كما ستسمعها ، فقد لزم عدم صحّة خلافة عثمان ؛ لأنّه قد ولّى هذا الفاسق على المسلمين ، وكان يعظّمه كثيرا ـ بعد ما خالف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في ردّه ـ ، حتّى كان لا يجلس معه على سريره غيره
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٤.