وأقول :
النظر في الاستدلال إنّما هو إلى جعل قتل الناس لهم كقتل الناس لأنفسهم ؛ لأنّ حسم مادّة الفتن وحفظ الأنفس على الوجه الشرعي موقوف على أئمّة معصومين ، فتكون الآية دليلا على إمامتهم وعصمتهم.
ويعضدها قوله تعالى في الآية الستّين : ( إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) (١) ، أي : دعاكم إلى ولاية عليّ عليهالسلام.
فالمراد بالأنفس في الآية معناها الحقيقي ، ولكن كنّى بالنهي عن قتلها عن النهي عن قتل أهل البيت عليهمالسلام ؛ لتوقّف حفظ النفوس عليهم.
ويحتمل أن يكون تجوّزا في نسبة القتل إلى الأنفس عن نسبته إلى أهل البيت عليهمالسلام.
كما يحتمل أن يراد التجوّز في المفرد ، بأن يكون قد أطلق الأنفس على أهل البيت مجازا ؛ إشارة إلى أنّهم بمنزلة الأنفس في وجوب حفظها ورعايتها على الناس كلّهم ؛ لأنّ حياتهم حياة الأنفس من كلّ وجه ..
أمّا في الآخرة ؛ فلأنّهم الهداة ، وبهم النجاة .. وأمّا في الدنيا ؛ فلحفظ النفوس بهم ، وبهم السعادة والبركات ؛ ولذا قال سلمان الفارسي رضياللهعنه : « لو أطعتم عليّا لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أرجلكم » (٢).
ويحتمل أن يكون تجوّزا في المفرد ، على أن يراد بالأنفس : أهل
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٢٤ ؛ وانظر الصفحة ٢٧٦ من هذا الجزء.
(٢) انظر : أنساب الأشراف ٢ / ٢٧٤ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ٤٣.