الالتزام به إذا وردت به الرواية ، وإلّا لم تصحّ دعوى نزول شيء من القرآن في مدح أحد.
وأمّا قوله : « العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب » ، فإنّما يسلّم في مقام التكليف والمدح والذمّ المطلقين ، لا المدح الناشئ من سبب خاصّ لم يتّفق صدوره من غيرهم ، لا سيّما في خصوصياته من الحبّ والحاجة لما أنفقوا ، ووقوعه على وجه الإخلاص التامّ لله تعالى والخوف منه ، حتّى وقاهم الله تعالى بسببه شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرة وسرورا.
ولا أدري متى كان للصحابة في هذا الميدان أثر ، ولا سيّما الّذين عناهم الرازي؟!
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
|
واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي (١) |
وأمّا ما ذكره الفضل من إنكار كثير من المحدّثين وأهل التفسير على هذه الرواية ، وتكلّمهم في جواز مبالغة الإنسان في الصدقة إلى هذا الحدّ ، فلم أجده في كلامهم ، ولو كان له أصل لذكره شيخ المشكّكين الرازي ، ولا سيّما في ما يتعلّق بفضائل أمير المؤمنين عليهالسلام.
على أنّه سبحانه قد مدح أولياءه بأنّهم : ( يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) (٢) ، فما لأهل البيت لا يجوز لهم ذلك؟!
وأمّا قوله تعالى : ( وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) (٣) ، فمعنى
__________________
(١) البيت للحطيئة ، من قصيدة من بحر البسيط يهجو بها الزبرقان بن بدر ، ويناضل فيها عن بغيض بن شمّاس في قصّة مشهورة ، ومطلع القصيدة :
والله ما معشر
لاموا امرأ جنبا |
|
في آل لأي بن
شمّاس بأكياس |
انظر : الأغاني ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٨.
(٢) سورة الحشر ٥٩ : ٩.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢١٩.