وأقول :
حكى المصنّف رحمهالله في « منهاج الكرامة » ما ذكره هنا في شأن نزول الآيتين ، عن أبي نعيم ، عن ابن عبّاس (١).
ونقل السيوطي في « الدرّ المنثور » عن ابن مردويه ، أنّه أخرج عن ابن عبّاس ، في قوله تعالى : ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) ، قال : مع عليّ بن أبي طالب (٢).
ونقل مثله عن ابن عساكر ، بسنده إلى أبي جعفر الباقر عليهالسلام (٣).
والمراد بالكون معه ؛ ليس هو الحضور الخارجي بالضرورة ؛ بل المراد اتّباعه في كلّ ما يراد به الاتّباع والعمل شرعا ؛ لاقتضاء الإطلاق له ، لا سيّما مع عطفه على الأمر بالتقوى ، قال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ).
فتدلّ الآية على عصمة أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ لوصفها له بالصدق ـ أي في الأعمال والأقوال ـ كما يقتضيه الإطلاق ، ولقبح الأمر باتّباع من لا تؤمن عليه مخالفة أحكام الله عمدا أو خطأ ، وللزوم اجتماع الضدّين : وجوب الاتّباع (٤) وحرمته لو فعل المعصية (٥).
__________________
(١) منهاج الكرامة : ١٤٢ ، وانظر : ما نزل من القرآن في عليّ : ١٠٢.
(٢) الدرّ المنثور ٤ / ٣١٦.
(٣) الدرّ المنثور ٤ / ٣١٦ ، وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٦١.
(٤) لما تقدّم من أنّ معنى الكون معه : اتّباعه.
(٥) أي : لا بدّ من أن يكون معصوما لئلّا يلزم اجتماع الضدّين.