للحاضرين على الغائبين ، فلا يكون عدم حضور أئمّتنا الاثني عشر مانعا من الوعد لهم ، لا سيّما وقد حضر عظماؤهم ، وهم أمير المؤمنين والحسنان عليهمالسلام.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ الوعد للأئمّة بالقوّة (١) لا يتوقّف على ثبوتها لكلّ فرد منهم ، بل يكفي ثبوتها لبعضهم ، كأمير المؤمنين والإمام المنتظر ؛ لأنّ قوّة البعض قوّة للجميع ، على أنّ القوّة حاصلة لكلّ منهم في الرجعة كما جاءت به أخبارنا (٢).
واعلم ، أنّ الآية التي نحن فيها وما قبلها وما بعدها من الآيات مرتبطة ظاهرا بعموم المسلمين الحاضرين حال الخطاب ، ولكنّه تعالى خصّ الوعد ببعضهم ، وهم الّذين وصفهم الله سبحانه بالّذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فينبغي أن يكون غير هذا البعض غير موصوفين بهذا الوصف ؛ إمّا لعدم عملهم بالصالحات ، أو لكونهم غير مؤمنين ، أي غير كاملي الإيمان ، أو غير ثابتي الإيمان ، لا أنّهم غير مسلمين ولا مؤمنين أصلا ؛
__________________
(١) يقسم الوجود المطلق إلى : ما وجوده بالفعل ، وإلى ما يقابله ، وهو ما وجوده بالقوّة ..
والأوّل : وجود الشيء في الأعيان بحيث يترتّب عليه آثاره المطلوبة منه.
والثاني : إمكان وجود الشيء في الأعيان قبل تحقّقه ، وهو ليس جوهرا قائما بذاته ، بل هو عرض قائم بموضوع ـ مادّة ـ يحمل قوّة وجوده ، وغير ممتنع عن الاتّحاد بالفعلية التي تحمل إمكانها ، كالاستعداد الموجود في البذرة لأن تكون شجرة أو ثمرة ، والنطفة التي هي قوّة بالنسبة للإنسان الذي هو فعل ، فكلّ قوّة تتقوّم بفعلية ، ومادّتها واحدة وإن اختلفت الصور.
انظر : شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨ ، نهاية الحكمة : ١٩٦ ـ ٢٠٠.
(٢) انظر : المسائل السروية : ٣٢ ، رسائل الشريف المرتضى ١ / ١٢٥ ـ ١٢٦ المسألة الثامنة.