بل قد يقال : إنّ ظاهر الآية لا يلائم الحمل على الاستخلاف في أيّام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي أيّام الثلاثة وأيّام أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ لظهور الآية في وقوع الاستخلاف في الأرض كلّها ، أو أكثرها ، فينبغي حمله على الاستخلاف أيّام الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه.
الثاني : إنّ قوله : « ولم يحصل ذلك في أيّام عليّ ... » إلى آخره ..
مناف لما زعمه في صدر كلامه من دلالة الآية على خلافة الأربعة جميعا!
على أنّ تعليله له بقوله : « لأنّه لم يتفرّغ لجهاد الكفّار » عليل ؛ إذ لم تشترط الآية في حصول الاستخلاف أن يكون بجهاد المستخلف نفسه للكفّار.
ولعلّه أشار بقوله : « لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل الصلاة » إلى الطعن في حرب أمير المؤمنين بأنّه حارب المصلّين ، أو إلى تفضيل حرب من سبقه على حربه ؛ لأنّهم حاربوا الكفّار وهو حارب أهل الصلاة ، وكأنّه لم يعلم بما رواه أصحابه من أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».
فقام إليه أبو بكر ، ثمّ عمر ، وقال كلّ منهما : أنا هو؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ، ولكنّه خاصف النعل ـ يعني عليّا ـ » (١)
فإنّه دالّ على أنّ حرب عليّ عليهالسلام ـ كحربه صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مأمور به من الله سبحانه دون حرب الرجلين ، فلم يحارب أمير المؤمنين عليهالسلام إلّا مهدور
__________________
(١) مسند أحمد ٣ / ٨٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢ ح ٤٦٢١ ، مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦ ، وانظر : الصفحة ٨٥ وما بعدها من هذا الجزء.