بكل ترحاب ، وكذلك الاخ بالنسبة لعاشق اخته ، بحيث لا نجد امرأة تحمل بكارتها لزوجها. ولكن من الصحيح القول انه ما ان تتزوج الفتاة حتى يكف العشاق عن مطاردتها ، فيذهبون الى اخرى. ومعظم هؤلاء ليسوا مسلمين ولا يهودا ، ويزيد بعدهم عن المسيحية. وليس لديهم اي معتقد ، وهم ليسوا بلا ديانة فحسب ، بل ليس لديهم اي ظل من الدين ، ولا يقومون باي صلاة وليس لهم معابد ويعيشون كالسائمة. واذا كان بينهم من عنده شيء ضئيل من شعور التقوى ، فهو مضطر ان يعيش كالآخرين لانه يفتقر لأية مبادىء دينية ، وليس هناك من فقهاء يرشدونه ، ولا قاعدة مستقيمة يسير عليها.
والنوميديون قوم بعيدون عن رحاب المعرفة ، ويجهلون طريقة السلوك النظامي في الحياة العادية. فهم غدارون ، قتلة ، ولصوص ، دون أي اعتبار أو مراعاة. وهم أيضا بلا إيمان ولا قاعدة دينية. لقد عاشوا في كل الأزمنة ويعيشون وسيعيشون دوما في البؤس. ولا يوجد صنف من الخيانة لا يرتكبونه مدفوعين بالحاجة أو الرغبة في شيء ما. ولا يوجد بين الحيوانات من يحمل قرونا في طول قرون هؤلاء الأسافل (٢٣١). فهم يكرسون كل حياتهم لفعل الشر وللصيد وللاحتراب فيما بينهم ولرعي ماشيتهم في الصحراء ، ويمشون دوما حفاة عراة. أما أهل بلاد السودان فهم غلاظ بلا عقل ، بدون ذكاء ودون خبرة. وهم مجردون من جميع مظاهر المعرفة. ويعيشون كالبهائم بدون قواعد ولا شرائع. وتكثر فيهم البغايا والديوثون ، باستثناء القليل منهم من الذين يسكنون في المدن الكبرى والذين لديهم بعض الشيء من الكرامة الانسانية.
ولا يفوتني أن أقول إنني أشعر ببعض الحياء من الإقرار بعيوب الأفارقة ومن الكشف عنها. فقد كانت إفريقيا موطن نشأتى ، وفيها قضيت أزهى وأطول شطر من حياتي. ولكن لدى العذر من الجميع لواجب المؤرخ الذي يفترض فيه أن يقول حقائق الامور بدون أن ينحرف لإرضاء ميل شخص ما. وهذا هو ما أجدنى بسببه مضطرا لكتابة ما كتبت ، وهذا هو ما يجب أن يكون إذا أردت عدم الابتعاد عن الحقيقة في أية نقطة ، واذا ما تركت جانبا زخارف الاسلوب وصناعة الكلام.
وأود في سبيل الدفاع عن نفسي أن اسرد حكاية صغيرة ستكون مثالا كافيا لذوى النفوس المستنيرة والاشخاص المحترمين الذين سيتفضلون بقراءة هذا الكتاب الطويل
__________________
(٢٣١) تعبير شائع في البلاد العربية ، وهو وصف الديوث بذى القرنين ، أو يقصد به المفرطين في غبائهم.