خليج (١٦١). وهي محاطة بأسوار عالية قديمة وكذلك الحال أيضا بالنسبة لقصبتها. ويجري جدول صغير قرب المدينة ، ولكن ماءه حار يكاد يكون مالحا. وقد أدى نهب قابس على ايدي العرب (١٦٢) إلى انحطاطها. وقد أساءوا كثيرا إلى سكانها حتى إنهم هجروها وذهبوا ليعيشوا في خارجها ، أي في حديقة النخيل التي تنتج مقادير عظيمة من التمور. ولا يمكن حفظ هذه التمور على مدى العام ، لأنها تصبح مرة المذاق. ولا شيء آخر ينمو في هذه الأرض ، باستثناء الثمر الذي ينمو تحت الأرض. وله شكل الفجل ، ولكنه صغير كالفول. وعندما يمص تكون له عذوبة اللوز ، ويكون له تقريبا نفس الطعم. ويستهلك في كل المملكة التونسية. ويدعوه العرب حب العزيز (١٦٣).
ولسكان قابس بشرة سوداء اللون ، وهم فلاحون فقراء أو صيادون فقراء ، مرهقون بالأتاوات ، سواء من قبل العرب أو من جانب ملك تونس.
الحامّة
الحامة (١٦٤) مدينة تعود لأوائل العصر القديم ، بناها الرومان في داخل الأراضي ، على مسافة خمسة عشر ميلا (١٦٥) من قابس. وهي محاطة بسور مبني بحجارة كبيرة حسنة النحت للغاية. وحتى اليوم لا تزال تظهر فوق الأبواب لوحات مرمر مع كتابات منقوشة عليها. وبيوتها وشوارعها قبيحة. والسكان فقراء ولصوص. وأراضي المدينة كالحة وجافة : ولا ينبت فيها سوى تمور من نوع غير جيد.
وعلى مسافة ميل ونصف من المدينة ينبجس ينبوع ضخم من ماء شديد الحرارة ، ويؤلف جدولا يخترق المدينة من أوسطها في قنوات عريضة. وتقوم فوق هذه القنوات أبنية ، هي نوع من حجرات منفصلة بعضها عن بعض ، تحت مستوى الأرض. ويتألف بلاط هذه الغرف من قعر القناة. وعندما تدخل في غرفة فإن الماء يصعد الى
__________________
(١٦١) كان اسمها القديم تاكابس ، وكابيس عند العرب الأوائل ، وقابس حاليا.
(١٦٢) الهلاليون.
(١٦٣) وهو نبات جذري له أرومة تؤكل واسمه العلمي Cyperus esculentus ويعتبر مقويا جنسيا.
(١٦٤) «وكانت تدعى في الماضي حامّة مطماطة ، واليوم حامّة قابس. والحامّة معناها النبع المعدني الحار. «وتسمى في بلاد الشام الحمّة كالحمة الواقعة على ضفة اليرموك الشمالية قبيل التقائه بنهر الأردن» (المترجم).
(١٦٥) والحقيقة ١٧ ميلا أو ٢٧ كم.