أميال (٣٣) من المدينة. وتظهر المدينة لمن يقف على ضفة النهر كأنها تقع على مسافة ميل ونصف. وتنزل النسوة إلى النهر عن طريق درب ضيق منحوت بالمعول في الصخر على شكل أدراج السلم (٣٤).
وسكان هذه المدينة قتلة في حالة نزاع دائم مع جميع جيرانهم. وتقع أراضيهم الزراعية وماشيتهم في الجبل. وجميع الأحراش المحيطة بهذه البلدة مليئة بالخنازير البرية. ولا يوجد أي حصان في تغتسّة. ولا يستطيع العرب عبور المدينة ولا إقليمها بدون إذن خاص وورقة أمان.
ولقد مررت راجلا من هذا المكان في عام كانت فيه أعداد هائلة من الجراد تجتاح المنطقة بينما كان القمح على سنابله. وكان الجراد أكثر من السنابل ضعفين ، بحيث لم تمكن رؤية الأرض بسهولة. وكن هذا في عام ٩١٩ ه (٣٥).
آيت دوّاد
آيت دوّاد مدينة قديمة شيّدها الأفارقة فوق جبل عال. ولكن يوجد في قمة الجبل المذكور سهل بديع جدا. وتقع على مسافة خمسة عشر ميلا (٣٦) إلى الجنوب من تغتسّة.
وفي وسط المدينة بضعة ينابيع من ماء رائق سريع الجريان شديد البرودة (٣٧). وتتألف ضواحي البلدة من جروف صخرية وغابات غير مألوفة ومفزعة. وتنمو بين هذه الصخور أعداد كبيرة من الشجر.
وفي هذه المدينة الكثير من الصناع اليهود الذين يمارسون الحدادة وصنع الأحذية والصياغة والصباغة. ويقال أن قدامى السكان كانوا يهودا من نسل داوود. ولكنهم ما لبثوا أن اعتنقوا الدين الإسلامي بعد احتلال العرب هذه البلاد. وكثير من هؤلاء السكان
__________________
(٣٣) ١٠ كم.
(٣٤) لقد اختفت هذه المدينة ، ولكن يجب أن يساعد موقعها الفريد على العثور على بقاياها.
(٣٥) في بداية صيف عام ١٥١٣ م. ويذكر تامبورال وهو أول من ترجم كتاب «وصف أفريقية» إلى الفرنسية طبعة ليون ١٥٥٥ م ص ٥٦ تاريخ ٩٠٠ ه. وهذا خطأ طبعا.
(٣٦) ٢٤ كم.
(٣٧) لقد اختفت هذه البلدة ، ولكن عشيرة دوّاد ، وتسمّى باللهجة الدارجة آيت داوود ، وهم فخذ من عشيرة آيت آو بوزية ، لا يزالون يقيمون في نفس الناحية.