حتى لقد أصبحت ترغه ملجأ للبوم. (٢٥١)
بولوان
بولوان مدينة صغيرة أنشئت على ضفة نهر أم الربيع. وتضم قرابة خمسمائة عائلة. وكان يسكنها عديد من النبلاء الذين كانوا من كرام الناس. وتقع في منتصف الطريق من فاس إلى مراكش (٢٥٢). وقد بنى سكان هذه البليدة عمارة ذات غرف عديدة مخططة في صورة حظيرة واسعة. ويستضاف كل المارة بالبلدة بإكرام في هذا المنزل على نفقة السكان ، لأن هؤلاء الناس أغنياء جدا بالقمح وبالماشية. ولدى كل واحد فيها زهاء مائة زوج من الابقار ، وبعضهم يحصد حوالي مائة حمل من القمح (٢٥٣) وأن منهم من يجني ثلاثة آلاف. والعرب هم الذين يشترون هذا القمح ويمتارون منه للعام كله.
وفي عام ٩٢٠ ه (٢٥٤) أرسل ملك فاس أخاه (٢٥٥) لحماية منطقة دكالة وحكمها. وما أن وصل هذا قرب بولوان حتى علم بنبأ مفاده أن قبطان آزامور سيأتي ليخرب هذه المدينة وليأخذ سكانها أسرى. وهكذا أرسل على الفور قائدين مع ألفي فارس وقائدا آخر مع ثمانمائة من رماة النبل لنجدة بولوان. وفي الوقت الذي وصلت فيه هذه القوات كانت القوات البرتغالية قد وصلت أيضا. وبما أن البرتغاليين تلقوا دعما مؤلفا من ألفي عربي (٢٥٦) فقد تحقق لهم التفوق. وعند ما حصروا رماة ملك فاس في وسط السهل ، أعملوا السيف فيهم جميعا باستثناء عشر أو اثني عشر مع بقية القوات التي هربت الى الجبال. والواقع أن المغاربة المسلمين قد أعادوا تنظيم قواتهم وقاموا بهجوم مضاد وأخذوا
__________________
(٢٥١) تقع ترغه على مسافة ٣٥ كم من آزمور عند مقرن واد ترغه مع نهر أم الربيع ، وهي أيضا على ضفة هذا النهر اليمنى. إذن تقع في إقليم تامسنة ، ولكن تعتبر من إقليم دكالة. وقد التجأ اليها علي بن واشيمان مع اتباعه ، فأخذه شقيق ملك فاس سجينا ، وهو مولاي الناصر ، الذي اقتاده مع وجهاء آخرين من دكالة في عام ١٥١٤ م. وبعد عودته الى ترغه تزعم على قبيلة بني ماجر اثناء حملة السلطان محمد سنة ١٥١٥ م ، وهاجرت هذه العشيرة الى ضواحي فاس.
(٢٥٢) وعلى الأصح على الطريق المذكور عند منتصف المسافة بين الساحل ومراكش.
(٢٥٣) لقد ذكر المؤلف بأن حمل الجمل في «السوس» كان يزن سبعمائة رطل إيطالي أي ، ٢٣٧ كلغم ، ومن المحتمل جدا أن يكون الحمل المذكور معادلا لما هو في دكالة. «أي أن بعضهم يجني قرابة ٢٣٧ طن من القمح والبعض الآخر يصل محصوله الى ٧١١ طنا» (المترجم).
(٢٥٤) أو نيسان (إبريل) ١٥١٤ م.
(٢٥٥) مولاي الناصر ، حاكم ونائب الملك الحقيقي في منطقة فاس أو الشاوية.
(٢٥٦) وهم خيّالة جلبهم يحي أو تعفوفت من منطقة حوز مراكش.