عديدة ولا يختفي منه الثلج أبدا. ومن عادة سكانه أن يلبسوا فوق رؤوسهم قبعات بيضاء (٢٠٢) وفي هذا الجبل عدد كبير من العيون. وهنا يتولد نهر آسيف اينوال (٢٠٣). ونجد في هذا الجبل الكثير من الكهوف العريضة والعميقة حيث اعتاد الناس إيواء الماشية فيها في أثناء ثلاثة أشهر من العام وهي تشرين الثاني وكانون الأول وكانون الثاني (نوفمبر وديسمبر ويناير). وتعلف هذه المواشي بالتبن وبأوراق بعض الأشجار الكبيرة جدا. وتجلب الأقوات من الجبال المجاورة إذ لا ينبت شيء هنا. ويكثر الجبن الطري والزبدة في فصلي الربيع والصيف. ويتمتع الرجال بعمر طويل ويعيشون في الغالب ثمانين ، أو تسعين ، وحتى مائة سنة. وتكون شيخوختهم قوية وخالية من العلل التي تجلبها السنون. فهم يستمرون في السير خلف حيواناتهم حتى موتهم. ولا يمكن أن نرى هنا غرباء ، وهم لا ينتعلون أحذية حقيقية في أرجلهم ، ولكي يحموا أرجلهم من الحصى يضعون تحت أقدامهم أصنافا من النعول ، ويلفون حول أفخاذهم خرقا مشدودة بخيوط لحمايتها من الثلج.
جبل ومدينة تينمل
تينمل هو اسم جبل عال جدا وبارد للغاية. ولكنه مأهول في شتى أرجائه. وتقوم فوق قمته مدينة تحمل اسم الجبل. وهي كذلك كثيرة السكان وتزدان بمسجد جميل. ويخترقها نهر (٢٠٤). وهنا دفن المهدي الداعية (٢٠٥) وتلميذه عبد المؤمن. وسكان المنطقة من أسوأ الأجناس وأخبثها. ويتفاخرون بشدة الثقافة لأنهم جميعا تقريبا درسوا الشريعة الاسلامية وعقيدة هذا الداعية الذي اعتبره الناس حينا من الدهر منشقا عن الجماعة. وما أن يروا أجنبيا حتى يميلوا الى مناقشته. وهم رديئو الكساء إذ لا يوجد أجنبي يتاجر في هذه المنطقة ، ويعيشون عيشة حيوانية فيما يتعلق بطرائقهم في نظام الحكم. غير أن لهم قاضيا على رأس مجلسهم. ويقتاتون عادة بالشعير وزيت الزيتون ولديهم كمية كبيرة من الجوز ومن تفاح الصنوبر.
__________________
(٢٠٢) «لعلها القبعة المتصلة بالبرنس من الخلف والتي نرى أبناء المغرب الأقصى يلبسونها حتى الآن وخاصة في الطقس البارد ، وتشبه قبعة الرهبان الكبوشيين الكاثوليك» (المترجم).
(٢٠٣) وهو واد ايمينتانوت الذي يقع منبعه في جبل سكسيوه.
(٢٠٤) واد النفيس.
(٢٠٥) محمد تومرت.