ومنحه عشرين خادما. وبعدئذ أعاده الملك إلى افريقيا ليحكم الأرياف التابعة لآسفي ، لأن قبطان الملك (٢٢٧) لم يكن يعرف عادات هذا الشعب الجاهل والأسلوب الذي يعامله بموجبه. ومنذ ذلك الحين أصبحت آسفي خاوية وأضحت المنطقة خرابا (٢٢٨).
وقد أسهبت نوعا ما في كلامي عن هذه القصة لكي أبيّن أن النزاع بين الأحزاب وقصة المرأة السابق ذكرها لم يؤديا إلى خراب آسفي وحدها ، بل جلبا الدمار على جميع أهل دكّالة. وعند ما ذهبت إلى آسفي لم يكن سني تتجاوز اثنتي عشرة سنة. ولكن بعد أن مضى على ذلك حوالي أربعة عشرة عاما كان لي لقاء مع حاكم البادية ، الذي كان موفدا من قبل ملك فاس والشريف ، أمير السوس ودكّالة. وكان حينئذ قرب مراكش مع حملة قوامها خمسمائة فارس برتغالي وأكثر من الفي فارس من العرب. وكان يجبي كل ضرائب البلاد لحساب ملك البرتغال. وكان هذا عام ٩٢٠ ه كما سردت ذلك مفصلا في بحوثي التاريخية (٢٢٩).
كونتي ، مدينة في دكّالة
كونتي مدينة صغيرة (٢٣٠) تقع على مسافة عشرين ميلا (٢٣١) من آسفي ، وقد بناها القوط في العصر الذي كانوا يحكمون فيه هذا الساحل ، وهي اليوم مخربة وأراضيها خاضعة لبعض عرب دكّالة.
__________________
(٢٢٧) وهو نونو فرناندز دو آتيد.
(٢٢٨) الحقيقة هي أنه على أثر مقتل القائد عبد الرحمن في نيسان (ابريل) ١٥٠٧ م ، تنازع عليّ ابن واشيمان مع يحيى او تعفوفت ، وانحاز ديبغو دو آزمبوجة حاكم الصويرة (موغادور) الذي عهد اليه بإدارة شئون آسفي ، انحاز إلى جانب عليّ ، وأرسل يحيى أو تعفوفت إلى لشبونة في آب (أغسطس) ١٥٠٧ م. ويبدو أن يحيى عاد في أثناء العام ١٥١١ م. أما علي بن واشيمان فقد ذهب بعد احتلال آسفي ليقيم مع جماعته في تارغة ، على ضفة نهر أم الربيع وهناك سقط بيد مولاي الناصر ، شقيق ملك فاس ، في أيار (مايو) ١٥١٤ م. واقتيد إلى هذا الملك. ثم عاد وهاجر في تموز (يوليو) ١٥١٥ م إلى مملكة فاس. ويبدو أن عرض هذه الأحداث قد كتب استنادا لذكريات عن قصة رواها عليّ بن واشيمان ذاته للمؤلف.
(٢٢٩) لقد سبق للمؤلف أن قال فيما يلي أن هذا اللقاء كان في تومغلاست ، بلدة يظهر أنها تنطبق على جماسّة الحالية. ومن المحتمل أن هذا حدث في عام ٩٢٠ ه / حزيران أو تموز (يونية أو يولية) ١٥١٤ م. ورحلة المؤلف إلى آسفي ، التي حدثت قبل أربعة عشر عاما سابقا ، تقع إذن في عام ٩٠٦ ه. وكان له من العمر اثنتا عشرة سنة ، مما يثبت تاريخ ولادته بصورة تقريبية عام ٨٩٤ ه / أو بين ٥ / ١٢ / ١٤٨٨ و ٢٤ / ١١ / ١٤٨٩ م.
(٢٣٠) مدينة صغيرة تقع قرب رأس كانتان (القنطو.) واسمها تحريف عن قنطو.
(٢٣١) ٣٢ كم.