لجبال دادس (٣٣٦) ويتساقط البرد (بفتح الباء والراء) دوما فوق قمته. ولدى سكانه كمية كبيرة من الماشية ، بحيث لا يستطيعون الاستقرار في أي مكان (بل ينتقلون طلبا للكلإ والمرعى). ولهذا يسكنون أكواخا من لحاء الشجر مثبتة فوق دعائم دقيقة. ويتألف سقف هذه الأكواخ من عصيات محنية على شكل نصف دائرة ، كمقابض السلال التي اعتادت النساء في ايطاليا حملها فوق ظهور البغال عندما يسافرن. ويحمل هؤلاء الجبليون أكواخهم فوق البغال (٣٣٧) وينتقلون مع حيواناتهم وعائلاتهم إلى هذا الموقع أو ذاك. وحيثما وجدوا العشب في مكان أقاموا فيه إلى أن تأتي الأنعام على عشبه. ولكنهم مع ذلك يعملون على الاستقرار في مكان ما في أثناء فصل الشتاء ويبنون أنواعا من زرائب واطئة مغطاة بأغصان يؤوون إليها حيواناتهم في أثناء الليل. ومن عادتهم إيقاد نار شديدة ، ولا سيما قرب الزرائب لتدفئة الحيوانات. ويحدث أن يثور الريح ويدفع بالنار إلى الزرائب التي تحترق ، ولكن الحيوانات تنجو بسرعة لأنه لا يشيد أي جدار لهذه الزرائب احتياطا لمثل هذا الحادث. وهي ليست أفضل بناء من الأكواخ التي تكلمنا عنها قبل قليل. وتحدث الأسود وأبناء آوى أضرارا كبيرة. وعادات هؤلاء الجبليين وكساؤهم مماثلة لما عليه الجبليون السابق ذكرهم. والاختلاف الوحيد هو ان هؤلاء الناس يسكنون اخصاصا في حين أن الآخرين يسكنون بيوتا ذات جدران وقد مررت بهذه المنطقة في عام ٩١٧ ه (٣٣٨) عائدا من الدرعة الى فاس (٣٣٨).
جبل دادس
جبل دادس هو كذلك جبل عال وبارد وينتشر في أرجائه كثير من الغابات. ويبدأ من جبل إيمغران في الغرب وينتهي عند تخوم جبل آدخسن (٣٣٩) وفي الجنوب يتاخم سهل تودغه ، ويقارب طوله ثمانين ميلا (٣٤٠). وفي قمة هذا الجبل توجد أطلال مدينة قديمة : وتظهر حتى الآن منها بقايا على شكل جدران سميكة مبنية بالحجارة وتحمل بعض هذه
__________________
(٣٣٦) تنتجع قبيلة إيمغران ، التي استقرت على السفوح الجنوبية للأطلس شمالى وارزازات حتى جبل ساغرو. وقد احتفظوا باسمهم البربري الذي يعني «الرؤساء» وهو الذي كتبه هيرودوت «ماشلويس» وبطليموس «ماشرويس» ويسميهم العرب مقراوة ، وربما كانت هذه التسمية الأخرى مستمدة من اسم لاتيني لم يصل الينا ، ويخلط المؤلف هنا فيركله مع تودغه ، وارتكب نفس الإبهام في كتابه الثاني والسادس.
(٣٣٧) فهل هؤلاء الرعاة من زناته كانوا لا يزالون يستعملون أكواخ الماباليا المعروفة في العصور القديمة؟
(٣٣٨) أي بين ٣١ آذار (مارس) عام ١٥١١ و ١٨ آذار (مارس) سنة ١٥١٢ م.
(٣٣٩) أو آدكسان ، قرب خنيفره.
(٣٤٠) ١٢٠ كلم.