بالمهدي (ابن تومرت) ، فثار على دولة المرابطين ، وعقد حلفا مع قبيلة الهرقة ، وهي فرع من مصموده. وطرد الاسرة الحاكمة من لمتونة ونادى بنفسه ملكا (٥٩). وبعد وفاته تم انتخاب احد تلاميذه عبد المؤمن ، من قبيلة بني ورياغل ، من أحفاد صنهاجه ، وظلت السلطة بأيدي أسرة عبد المؤمن خلال فترة امتدت زهاء مائة وعشرين سنة وحكمت كل افريقيا تقريبا (واشتهرت دولتهم باسم دولة «الموحدين»). وقد خلعت هذه الاسرة على أيدي بني مرين الذين يعودون اصلا لقبيلة زناته. ودام حكم هؤلاء مائة وسبعين عاما. (٦٠)
وقد استولى بنو وطّاس على السلطة ، وهم فرع من لمتونة (٦١) أما بنو مرين فقد كانوا دوما في حالة حرب مع بني زيان ، ملوك تلمسان ، الذين ينتسبون لصنهاجه من حيث الاصل (٦٢) ومن فرع مغراوه (٦٣). وقاموا بحملات ايضا ضد الحفصيين ، ملوك تونس ، والذين يعودون من حيث الاصل لقبيلة هنتا ، وهى فرع من مصموده. (٦٤)
وهكذا نرى كفاح كل من هذه القبائل الخمس وما نجم عن كفاحها من آثار في هذه المناطق.
__________________
(٥٩) كان ذلك يوم الجمعة ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ١١٢١ م ، وهذا المصلح الديني محمد بن عبد الله بن تومرت قد التجأ الى المصامدة في جبال الاطلس وقدمت له قبيلة هرقة الدعم ، ونودي به امام الموحدين مع لقب المهدي ثم أخذ يحارب المرابطين.
(٦٠) كان اول امير من بني مرين ينادى به ملكا وهو ابو يوسف يعقوب بن عبد الحق الذي نودي به في ٢٧ رجب ٦٥٦ ه المقابل ٣٠ تموز (يوليو) ١٢٥٨ م ، أي عام سقوط قرطبة ، وآخر أحفاده الذي كان على رأس الحكم هو عبد الحق بن علي الذي اغتيل بتاريخ ٢٧ رمضان ٨٦٩ ه أو ٢٣ أيار (مايو) ١٤٦٥ م وهكذا دام حكم اسرة المرينيين ٢١٣ سنة هجرية.
(٦١) تم اغتيال عبد الحق بتحريض شريف ادريس من فاس ، وهو أبو عبد الله محمد بن علي الجوتي ، الذي استلم السلطة واحتفظ بها خلال عامين. ولكن هذه المحاولة لا عادة حكم الأدارسة اصطدمت بمقاومة بني وطاس الأقوياء ، والذين أثاروا اضطرابات متلاحقة فاضطر الشريف محمد للهرب الى تونس في شهر آب (اغسطس) ١٤٦٧ م ، واستمر النزاع بين الوطاسيين انفسهم ، ونجهل حاليا التاريخ الذي بويع فيه واحد من اكثرهم نفوذا (وهو ابو زكريا محمد بن يحي الملقب بالشيخ) ملكا بصورة نهائية.
(٦٢) سبق قلم ، وهو يقصد زناته.
(٦٣) كان يغمر اسن بن زيان ، مؤسس اسرة الزيانيين او بني عبد الواد ، في تلمسان في سنة ١٢٣٦ م أميرا على بني عبد الواد وهي قبيلة تنسب الى زغراوة.
(٦٤) كان لدى المهدي بن تومرت وخلفه عبد المؤمن معاون اسمه ابو حفص عمر الهنتاتي ، أو اينتي ، وهو رجل ذو قيمة فريدة ، وكان حفيده ابو زكريا يحي بن عبد الواحد بن عمر ، حاكم تونس منذ عام ١٢٢٨ م ، والذي نادى بنفسه ملكا عام ١٢٣٦ م ، وبذلك أسس اسرة الموحدين في تونس ، والتي استمرت حتى ١٣ ايلول (سبتمبر) ١٥٧٤ م ، في أعقاب احتلال العثمانيين البلاد التونسية.