العرّافون
لن أقول شيئا عن بعض الصناع ، كأولئك الدباغين الذين يحتلون موقعا محددا بجوار نهر كبير ، لهم على طوله عدد كبير من المصانع. ويدفعون رسما عن كل جلد يدبغونه مقداره درهمان (١٧٦) ، وهو رسم يحقق للدولة حصيلة قدرها ألفان من الدنانير (١٧٧). ولن أتكلم أيضا عن الحلاقين وسواهم من الصناع لأنني أشرت إلى ذلك في أثناء وصف القسم الأول من فاس ، مع أنهم ليسوا كثيري العدد كما ذكرت لكم في حينه. بل سأحدثكم عن العرافين وهم كثر. وينقسمون ثلاث مجموعات :
ـ تتألف الأولى من عرافين يمارسون فن الضرب بالرمل ، وذلك برسم أشكال فيه ، ويتقاضون عن كل رسم قدر الاستطاعة حسب موارد الشخص ، وطبقا للعادة.
ـ الثانية وهي مجموعة العرافين الذين يسكبون الماء في قصعة مطلية بالدهان ويسقطون في هذا الماء قطرة زيت. وبعد أن تصبح هذه شفافة يقول العرافون أنهم رأوا فيها ، كما يرون في المرآة ، عصابات من الشياطين قادمة بعضها خلف بعض ، كأنها كتائب جيش تعسكر وتضرب خيامها. ويأتي بعض هذه الشياطين عن طريق البحر والبعض الآخر عن طريق البر. وعند ما يرى العراف أنهم استراحوا يطلب منهم أشياء يود معرفتها ، فيجيبه الشياطين بإشارات يومئون بها باليد أو بالعين. فما أشد غباء الذين يعتقدون في مثل هذه الخرافات. ويضع هؤلاء العرافون القصعة أحيانا بين يدي ولد عمره ثمانية أو تسعة أعوام ويسألونه فيما إذا رأى الشيطان الفلاني أو غيره ويجيبهم الطفل الساذج «نعم» ، ولكنهم لا يتركونه يتكلم وحده. وللكثير من السفهاء ثقة بهؤلاء العرافين تجعلهم ينفقون عندهم بدرات اموالهم.
ـ وتضم الفئة الثالثة من العرافين نسوة يدخلن في روع العوام انهن يرتبطن بصداقة مع بعض الشياطين من اصناف مختلفة ، فيسميه بعضهم الشياطين الحمر ، والآخرين الشياطين البيض وعند ما يسألن عن التنبؤ عن اي شيء كان يتعطرن بعطور مختلفة الروائح. وسرعان ما يغيرن اصواتهن كي يجعلن. المستمع يتصور بان الشيطان يتكلم بصوته ذاته. والشخص الذي يقصدهن لمعرفة أمر يرغب فيه ، سواء أكان رجلا أم
__________________
(١٧٦) ١٥ سنت ذهب.
(١٧٧) وهذا يمثل ٠٠٠ ، ١٢٠ قطعة من الجلود.