الولوج في النهر الذي كان مدخله محميا بحرس الجيش الملكي ، والذي أدى قصف مدفعيته القوية إلى إغراق بضع سفن برتغالية. وفي هذه الأثناء وصل نبأ موت ملك أسبانيا إلى البرتغاليين ، فضلا عن أن بضع سفن من التي أرسلها هذا الملك رغبت في العودة إلى أدراجها. كما أخلى قائد الحصن موقعه بعد أن يئس من الحصول على أية نجدة. أضف إلى هذا أن السفن التي كانت راسية في النهر لم تعد تطيق البقاء حيث هي وبالفعل غرق ثلثاها تقريبا عند المخرج. وكانت تحاول فعلا تحاشي الضفة التي ترمي منها المدفعية (٧٠) فحاذت الضفة الأخرى وجنحت على الرمال لأن هذا الجانب من النهر لم يكن عميقا جدا. وهنا رمى المغاربة بأنفسهم على البرتغاليين وقتلوا القسم الأعظم منهم ، في حين ارتمى الآخرون في النهر على أمل الوصول إلى السفن سباحة. ولكنهم هلكوا غرقا أو قتلوا كما قتل سابقوهم. وتم إحراق السفن وقذف بمدافعها إلى الماء. واصطبغ ماء النهر بالدم في أثناء ثلاثة أيام في منطقة المعركة. ويقال إنه كان هناك عشرة آلاف قتيل نصراني في هذه الحملة. وعمل ملك فاس بعدئذ على البحث في قاع النهر لإخراج ما غرق فيه من مهمات حربية فانتشل منه أربعمائة قطعة مدفعية من البرونز (٧١). وحدثت هذه الهزيمة الكبرى لسببين من عدم الانضباط : الأول ، ويعزى إلى البرتغاليين إذ كانت رغبتهم الاستيلاء على المدفعية المعادية مع عدد قليل جدا من الرجال وبدون تقدير لقوى الخصم ؛ والثاني هو أن ملك البرتغال ، الذي كان بإمكانه أن يرسل أسطولا مستقلا على نفقته وتحت قيادة ضباطه أنفسهم ، أراد أن يضم إليه أسطول القشتاليين. ويحدث دائما في مثل هذا الوضع ـ وهذه قاعدة مطردة ـ أنه عندما يسير جيشان لأميرين ضد جيش لأمير واحد ، فإن هذين الجيشين سيتعرضان للهزيمة والخزي بسبب اختلاف القيادة والآراء التي لا يتسق بعضها مع بعض. ويعتقد ملوكنا الأفارقة أن من علائم النصر رؤية جيشين لأمير واحد يخوض معركة ضد
__________________
(٧٠) الضفة اليسرى.
(٧١) تؤيد وثائق المحفوظات البرتغالية ، مع اختلاف طفيف بالتفاصيل ، ما جاء في النص أعلاه. ولكنها لا تذكر شيئا عن وجود سفن حربية اسبانية وفضلا عن ذلك فإن الملك فرديناند الخامس ، أي الكاثوليكي ، لم يمت إلا في ٢٣ كانون الثاني (يناير) ١٥١٦ ، ولكن ربما كان الخبر صحيحا أو أنه كان عبارة عن نبإ كاذب. والعملية المباغتة للاستيلاء على المدفعية إنما حدثت في فجر ٢٢ تموز (يونية). وفي الحقيقة أرسلت ثلاث سرايا تضم كل منها ألف رجل كي تنقض لزحزحة المغاربة عن التل وتمكين مرور السرية المكلفة بالاستيلاء على المدافع ، والتي تعرضت لخسائر شديدة بلغت ١٢٠٠ رجل كما ذكر التقرير. ولكن الأمر بالانسحاب الذي وصل من لشبونة بقرار من الملك ، حدث بتهافت شديد وانقلب إلى كارثة ، ولكن البرتغاليين لا يذكرون سوى خسارة ثماني سفن واثنين وخمسين منجنيقا ، منها خمسة ضخمة. وكلفت هذه الحملة إجمالا قرابة أربعة آلاف قتيل.