إبراهيم ، وهو طفل صغير ، فخنقه بيده بدون رحمة ، وبعد أن أعمل السيف في رقاب معظم الجند الذين كانوا هناك ، عمد إلى قتل شطر كبير من سكان مراكش (١٥٩).
وحكمت أسرة عبد المؤمن عن طريق التوراث من عام ٥١٦ ه إلى عام ٦٦٨ ه (١٦٠). ثم جردت من سلطتها على أيدي ملوك أسرة بني مرين. فانظر كيف يكون الحظ قلّبا! وقد احتفظت هذه الأسرة الجديدة بالمملكة (١٦١) حتى عام ٧٨٥ ه. ثم خبا نجمها وراح يحكم مراكش بعض الأمراء الذين يرجع أصلهم إلى الجبل العتيق ، المجاور للمدينة (١٦٢).
وفي أثناء هذه التقلبات في السيادة لم يجلب أحد ضررا على مراكش أكثر من المرينيين الذين سكنوا في فاس بعد أن جعلوها مقر البلاط الملكي (١٦٣) في حين كانوا يرسلون نائبا إلى مراكش ، وأصبحت فاس عاصمة موريتانيا وكل المنطقة الغربية. وقد عالجنا هذه القضية بصورة أكثر شمولا في «المختصر» الذي علناه عن التاريخ الاسلامي.
ولقد ابتعدنا قليلا عن موضوعنا ، وحان الوقت للعودة الآن إلى وصف مراكش.
__________________
(١٥٩) هذا الملخص الذي ذكره عن سقوط أسرة المرابطين لا يتفق مع حقائق التاريخ. فالمهدي بن تومرت لم يقم حتى موته بأكثر من غزوات ضد قبائل الأطلس الجنوبي وضد علي بن يوسف ، ملك مراكش. ولكن كان خلفه ، أبو محمد عبد المؤمن الكومي ، الذي نودي به يوم الخميس ٢١ آب (اغسطس) ١١٣٠ م ، هو الذي انجز فعلا عملية الاستيلاء البطىء على امبراطورية المرابطين. ولم تسقط مراكش إلا يوم السبت ١٢ آذار (مارس) ١١٤٧ م حسب كل احتمال. ويبدو أن موت تاشفين بن علي بصورة مأساوية والذي ورد ذكره هنا بصورة مختلفة ، قد حدث ليلة ٢٧ رمضان من عام ٥٣٩ ه / أو ليلة ٢٢ إلى ٢٣ آذار (مارس) ١١٤٥ م. وعندئذ نودي بابنه إبراهيم ملكا على مراكش ، ولكن عجز هذا الملك أدّى إلى خلعه وانتخاب عمه الصغير اسحق ابن علي. وهذا هو الذي اغتاله عبد المؤمن دون شفقة.
(١٦٠) لقد نصب عبد المؤمن بتاريخ الرابع عشر من رمضان ٥٢٤ ه وآخر ملك من الموحدين هو أبو العلا ادريس الملقب بأبي دبوس ، الذي قتل في آخر يوم من عام ٢٢٧ ه / الجمعة ٣٠ آب (اغسطس) ١٢٦٩ م. ولكن بعد يومين أي الأول من ايلول (سبتمبر) أو الثاني من محرم ٦٦٨ ه استطاع قاهره ، يعقوب بن عبد الحق ، الذي سبق أن نودي به ملكا على الشمال بتاريخ ٣٠ تموز ١٢٥٨ م ، أن يدخل مراكش وامتلكها نهائيا وأقام فيها.
(١٦١) أي مملكة مراكش.
(١٦٢) هذا التاريخ أي ٧٨٥ ه / ١٣٨٣ م. هو بلا شك التاريخ الذي تنازع فيه على مراكش اثنان من سلاطين المرينيين المتنافسين وهما عبد الرحمن بن ايفاللوسن وأبو العباس احمد ابن أبي سالم. وقد حاصر الثاني عدوه في مراكش ، وتمكن أخيرا من الانتصار عليه وقتل عبد الرحمن مع ولديه. وربما كانت مراكش في هذا الوقت تحت حكم أمراء يعودون أصلا لقبيلة هنتاتة ، وقد استقلوا استقلالا ذاتيا واتخذوا بعدئذ لقب سلطان.
(١٦٣) سنة ١٢٧٦ م.