رجال السياسة والعساكر إلى فتوى من شيخ الإسلام في اختلال فكر السلطان وأولوا السلطان مرادا وحيث كان ضعيف المراج وانزعج بكيفيّة ولايته وبموت عمه وبالثورة على الوزراء من بعض المعينين لم يطق تحمل عبء الخلافة فاستند أهل الحل والعقد إلى فتوى أيضا وأولوا سلطاننا عبد الحميد أيده الله فتدارك أمر الإدارة بإصداره الخط الهمايوني عند تقلده البيعة ، وهذا تعريبه :
«أنه لما اعتزل أخي الأكرم حضرة السلطان مراد الخامس عن مشاغل السلطنة والخلافة وفرغ منها ، جلسنا بموجب القانون العثماني على تخت أجدادنا العظام وقد وجهنا لعهدتكم مسند الصدارة العظمى ورياسة مجلس الوكلاء إبقاء وتجديدا بناء على ما لذاتكم من الرؤيّة المسلم بها والحمية المجربة وما لكم من الوقوف والإطلاع على مهم أمور الدولة ، وكذلك أقررنا جميع الوكلاء على مناصبهم وأنني شديد الإتكال في جميع الأحوال على تسهيلات جناب موفق الأمور هو الله سبحانه وتعالى وتوفيقاته الصمدانيّة ، وقصارى آمالي ومقاصدي معطوفة بالحصر لتأييد أساس شوكة دولتنا ومكنتها بحيث تنال صنوف تبعتنا بلا استثناء الحريّة ويتنعمون جميعا بنعمة العدالة والرفاهيّة ، فاؤمل بثقة تامة أن جميع وكلاء دولتنا وعمالها يشاركوننا في هذا الأثر ويعاونوننا عليه ، وقد عرف الناس أجمع بأن حال البحران والاغتشاش الملم بدولتنا له جهات وأسباب متنوعة وصور وأشكال متعددة فإذا أمعنا النظر في ذلك من أي جهة كانت تجتمع مباديه وأسبابه في نقطة واحدة ، وهي عدم جريان القوانين والنظامات المؤسسة على الأحكام الجليلة الشرعيّة التي هي المسند الأساسي في دولتنا على حقها وتمامها واتباع كل فرد أهواء نفسه في إدارة الأمور ، أما اتساع ميدان عدم الإنتظام الطارىء على إدارة دولتنا ملكا ومالا وما حصلت عليه أمور ماليتنا من عدم الأمنية في الأفكار العموميّة وتعذر وصول المحاكم إلى الدرجة المتكفلة بتأمين حقوق الناس وتأخر استفادة مملكتنا حالة كونها قابلة لأنواع وسائل العمران كالحرف والصنائع والتجارة والزراعة كما هو مسلم فهو من عدم الثبات الذي وقع على كل ما شرع به من الإجراءات وكل ما حصل من التشبثات الصادرة عن نيّة خالصة لمقصد إعمار مملكتنا ورفاهيّة حال رعايانا وتبعتنا وسعادة حالهم ونوالهم بدون استثناء الحريّة الشخصيّة ، وكون ذلك بأجمعه صار عرضة لتغييرات متنوعة منعت إنتاج المقصد الأصلي فلا ريب في أنه تولد ونشأ عن عدم الثبات باتباع القانون والنظام ، ولذا كان من أهم ما يلزم أن التدابير الواجب وضعها أولا فأولا في مطلب قوانين المملكة المقتضى وضعها وتنظيمها في صورة تتكفل بأمنية العموم وثقتهم ينبغي أن يبتدأ بها من هذه النقطة المهمة ، وهي أن يترتب مجلس عمومي تكون أفعاله وآثاره مستوجبة لثقة العموم واعتمادهم ويكون موافقا لقابليّة مملكتنا وأخلاق أهاليها كافلا بإتمام تأمين إجراء القوانين حرفا بحرف ، سواء كانت القوانين الموجودة أو التي تتأسس من الآن فصاعدا توفيقا موافقة لأحكام الشرع الشريف المقدسة ولما هو بالحقيقة ضروري ومشروع لمملكتنا وملتنا وناظرا في موازنة واردات الدولة