وجل (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ)(١) ، وخلو اليدين لقول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً)(٢) ، وقلة المبالاة في قوله عزوجل : (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ)(٣).
أخبرنا أبو القاسم الشحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد البوشنجي أنه سئل عن الفتوة فقال : الفتوة عندك في آية من كتاب الله ، وخبر عن النبي صلىاللهعليهوسلم. فأما قول الله تعالى (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ، وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا ، وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ)(٤) وخبر النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا يؤمن العبد حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه» ، يعني من خير ، «ويكره لأخيه ما يكره لنفسه» ، فمن اجتمع فيه هاتان الحالتان فله الفتوة [٨٢٣٩].
قال : وأنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم البوشنجي وسئل عن الفتوة ، فقال : حسن البشر (٥) ؛ وسئل عن المروءة فقال : ترك ما يكره كرام الكاتبين ؛ وسئل عن التوكّل فقال : أن تأكل مما يليك ، وتضع لقمتك على سكون القلب ، وتعلم أن ما لك فلا يفوتك.
أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن عبد الله (٦) ، أنبأ أبو بكر بن خلف قال : سمعت الشيخ أبا محمّد عبد الله بن يوسف الأصفهاني يقول : سمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن سهل البوشنجي الصوفي يقول : وسئل عن وصف الإنسان فقال : الخير منّا زلة والشّرّ لنا صفة ، وإذا عزلنا عن الكذب لم يبق لنا شيء.
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، أنبأ أبي قال : سمعت بعض أصحاب أبي الحسن البوشنجي يقول (٧) : كان أبو الحسن البوشنجي في الخلاء ، فدعا تلميذا له فقال : انزع عني هذا القميص وادفعه إلى فلان ، فقيل له هلّا صبرت؟ فقال : لم آمن على نفسي أن تتغير عما وقع لي من الخلف (٨) معه بذلك القميص؟.
__________________
(١) سورة الحشر ، الآية : ٨.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٤.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٥٤.
(٤) سورة الحشر ، الآية : ٩.
(٥) في م : «حسن السير» والمثبت يوافق ما جاء في المختصر.
(٦) «بن عبد الله» لم تكرر في م ، قارن مع مشيخة ابن عساكر ٨٩ / ب.
(٧) الخبر في الرسالة القشيرية ط بيروت ص ٢٤٩.
(٨) في الرسالة القشيرية : أن يتغير علي ما وقع لي من التخلف منه بذلك القميص.