بالكلام على السرقات ووجه المناسبة أن في كل من معنى هذه الألقاب أخذ شيء
من شيء سابق ، مثل ما في السرقات كما تقدم.
الاقتباس
ثم شرع في بيان
هذه الألقاب على ترتيبها فقال : (أما الاقتباس) منها (فهو أن يضمن الكلام) سواء
كان ذلك الكلام نظما أو نثرا (شيئا) مفعول ثان ليضمن ، والأول وهو الكلام مرفوع
على أنه نائب. (من القرآن) أي : أن يؤتى بشيء من لفظ القرآن في ضمن الكلام (أو)
يؤتى بشيء من لفظ (الحديث) في ضمن الكلام ، بشرط أن يكون المأتي به على أنه من
كلام المضمن بكسر الميم (لا على أنه منه) أي : المأتي به من القرآن أو الحديث ،
ومعنى الإتيان بشيء من القرآن على أنه منه أن يؤتى به على طريق الحكاية ، كأن يقال
أثناء الكلام : قال الله تعالى كذا وكذا فهذا خارج عن التضمين ، وكذا معنى الإتيان
باللفظ على أنه من الحديث أن يقال مثلا قال النبي صلىاللهعليهوسلم كذا وكذا ، فمثل ذلك ليس من التضمين ؛ لأنه سهل التناول
، فلا يفتقر إلى نسج الكلام نسجا يظهر منه أنه شيء آخر ، فيعد مما يستحسن فيلحق
بالبديع.
ومن هذا ألحقت
معاني هذه الألقاب بالبديع كما في السرقات المنسوجة نسجا مستحسنا ، وسمى الإتيان
بالقرآن أو الحديث على الوجه المذكور اقتباسا أخذا من اقتباس نور المصباح من نور
القبس ، وهو الشهاب ؛ لأن القرآن والحديث أصل الأنوار العلمية ، ثم إن الاقتباس
لما عرفه بأن يدخل في الكلام شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه ، ودخل في
الكلام النظم والنثر اشتمل على أربعة أقسام : إتيان بقرآن في نثر ، إتيان به في
نظم ، إتيان بحديث في نثر ، إتيان به في نظم. فأتى المصنف بأربعة أمثلة على هذا
الترتيب ، وأشار إلى الأول منها وهو : اقتباس القرآن في نثر بقوله : (كقول الحريرى
فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى أنشد فأغرب) أي : لم يكن من الزمن إلا كلمح
بالبصر أي : لم يوجد من الزمان إلا مثل ما ذكر فأنشد فيه وأغرب