أكثر هموعا من الأسود ، فهو عبارة عن كثير المطر ، وترقا مهموز خفف للضرورة ، يقال : لا يرقأ لفلان دمع ، إذا كان لا ينقطع.
ومعنى البيتين أن ريح الصبا شفعت للرياض إلى المزن فجادت به بشفاعتها إلى رياض تلك الربى والحال أنه كثير الهموع أي سيلان المطر فصارت السحاب البيض لكثرة أمطارها كأنها غيبت تحت الربى حبيبا ، فجعلت تبكي عليه فلا يرقأ أي ينقطع لها دمع ، وكأن في نحو هذا الكلام يؤتى بها كثيرا عند قصد عدم التحقق في الخبر ، كما نقول : كأنك تريد أن تقوم ، عند عدم جزمك بإرادته القيام.
ومضمن الشاهد أن السحاب البيض يظن أو يشك أنه غيبت حبيبا تحت الربى فمن أجل ذلك لا ينقطع دمعها ، فبكاؤها صفة عللت بدفن حبيب تحت الربى. ولما أتى بكأن أفاد أنه لم يجزم بأن بكاءها لذلك التغيب ، فكأنه يقول : أوجب لي بكاؤها الدائم الشك أو الظن في أن سبب ذلك تغييبها حبيبا تحت تلك الربى. فقد ظهر أنه علل بكاءها على سبيل الشك والظن بتغييبها حبيبا تحت الربى ولا يخفى ما في تسمية نزول المطر بكاء من لطف التجوز وبه حسن التعليل هذا إن حمل على ما ذكر من الشك وإن حمل على أنه شبه السحاب ببواك غيبن تحت تلك الربى حبيبا ، فجعلت لا يرقأ لها دمع ويكون التقدير : كأن السحاب بواك غيبن الخ.
خرج الكلام عما نحن بصدده ، لكن العلة في المشبه به حينئذ وهي مطابقة.
فافهم.
التفريع
(ومنه) أي : ومن البديع اللغوي (التفريع) أي النوع المسمى بالتفريع (وهو) أي التفريع (أن يثبت لمتعلق أمر حكم) أي أن يثبت حكم من الأحكام لشيء بينه وبين أمر تعلق ، ونسبة تصحح الإضافة أو ما يشبهها فالمراد بالتعلق هنا النسبة ، ويكون الإثبات لهذا المتعلق أي المنسوب لذلك الأمر (بعد إثباته) أي بعد أن ثبت ذلك الحكم (لمتعلق له آخر) أي لمنسوب له آخر.