أذى افتخارهم وهو أنك أثرت في عزهم وهدمت أساس مجدهم بقتل رئيسهم ، فكأنك أخذت بثأر نفسك قبل قتلك ، فلا افتخار لهم في الحقيقة لا يقال تتابع الإضافات يخل بالفصاحة كما تقدم ، وهو يشمل الإضافات المتصلة والمنفصلة وإذا كان تتابع الإضافات مخلا بالفصاحة ، فكيف يعد من البديع ؛ لأنا نقول إنما يخل بالفصاحة إن كان فيه ثقل واستكراه كما تقدم أول الكتاب ، وأما إن سلم من الثقل والاستكراه حسن ولطف كما تقدم أيضا والبيت من هذا القبيل مع أنه ليس فيه إلا إضافتان وكيف يخل بالفصاحة إذا سلم من الثقل كما في الحديث الشريف وهو قوله صلىاللهعليهوسلم (الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم) (١) فإنه غاية في الحسن والسلاسة هذا تمام ما ذكره من أنواع الضرب المعنوي والمرجع فيما يستبدع من أنواعه إلى ما يستحسنه ذو الطبع السليم من البلغاء وليس كل من ادعى حسن شيء كان مدعاه بديعا وقد عد من جملتها الاطراد والظاهر أنه من اللفظي ؛ لأن مرجعه إلى حسن السبك كذا قيل ، وقد يقال بل إلى حسن السبك في معنى مخصوص وهو النسب فللمعنى دخل فيه تأمله.
المحسنات اللفظية
ثم شرع في اللفظي فقال (وأما) الضرب (اللفظي) من الوجوه المحسنات للكلام (ف) أقسام أيضا (منه) أي من الضرب اللفظي (الجناس بين اللفظين) أي : النوع المسمى بالجناس بكسر الجيم (وهو) أي الجناس (تشابههما) أي اللفظين (في اللفظ) أي في التلفظ والنطق بهما لكون المسموع فيهما متحد الجنسية كلا أو جلا ، وإنما فسرنا اللفظ بالتلفظ لأنه لو حمل على ظاهره كان التقدير هو تشابه اللفظين في اللفظ ولا يخفى ما فيه ويحتمل أن يطلق اللفظ على ذاتهما أي حروفهما فيكون المعنى تشابه اللفظين في حروفهما ثم التشابه المذكور لا بد فيه من اختلاف المعنى كما دلت عليه الأمثلة فكأنه يقول : هو أن لا يشتبها إلا في التلفظ فيخرج ما إذا اشتبها في المعنى فقط نحو الأسد والسبع فإنهما اشتبها في المعنى دون اللفظ ، وليس المعنى أن لهما معنيين اشتبها
__________________
(١) رواه البخاري ومسلم.