الاستخذام
(ومنه) أي : ومن البديع المعنوي (الاستخذام) أي : ما يسمى بالاستخذام بالخاء والذال المعجمتين ، وربما يقال بالحاء المهملة (١) ، وكلاهما بمعنى القطع ، ومنه المخذم للسيف القاطع ، يقال : خذمه قطعه ، وإنما سمي هذا النوع بذلك ؛ لأن الضمير فيه قطع عما يستحق أن يعود له من المعنى ، وجعل لغيره على ما يأتي تفسيره المشار إليه بقوله (وهو) أي : الاستخدام (أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما) أي : يراد أحد ذينك المعنيين باللفظ (ثم يراد بضميره) أي : بالضمير العائد إلى ذلك اللفظ معناه (الآخر ، أو يراد) باللفظ معنى ، ويراد (بأحد ضميريه أحدهما) أي : أحد معنيى اللفظ اللذين لم يرادا باللفظ ، بل أريد به غيرهما معا (ثم يراد بالآخر) أي : بضميره الآخر معناه (الآخر) الذي هو من جملة المعنيين اللذين لم يرادا ، وقد أطلق في المعنيين في كلا وجهي التفسير ، فتناول الكلام ما كان فيه المعنيان المرادان معا باعتبار اللفظين حقيقتين ، وما كانا فيه معا مجازين وما كان فيه أحدهما حقيقة والآخر مجازا ، وكذا إذا كان له معان متعددة يجوز أن يطلق على أحدها حقيقة أو مجازا ، ويعود على اللفظ ضمائر بعدد معاني اللفظ حقيقة أو مجازا ، ويكون إعادة الضمائر كلها استخداما (ف) الوجه (الأول) من الوجهين المذكورين في التعريف وهو أن يراد باللفظ أحد المعنيين ، ويراد بالضمير معناه الآخر (كقوله) يصف رياستهم وتصرفهم في بلاد الناس كيف شاءوا :
(إذا نزل السماء بأرض قوم |
رعيناه وإن كانوا غضابا) (٢) |
بمعنى أنهم يفعلون في بلاد الأقوام ما شاءوا من الرعي ، ولا يعترض عليهم أحد ، ولا يقدر على منعهم قوم ، بل يرعون الكلأ بأرضهم وإن غضبوا ، فقد وصف رياستهم بالانتهاء والغلبة حتى إنهم يرعون كلأ الناس من غير رضاهم ، والسماء أطلقت
__________________
(١) وبالخاء المعجمة والدال المهملة ، وهو وجه لقراءة الكلمة لم يذكره ابن يعقوب على الرغم من استخدامه له في بقية الباب ، لكن ذكره العلامة الدسوقى فى شرحه على السعد قال : " وبمعجمة ومهملة". أى : بالخاء المعجمة والدال المهملة.
(٢) البيت لمعاوية بن مالك ، فى ديوان الأدب (٤ / ٤٧) ، وشرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ٨٨) ، والإيضاح ص (٣٠١).