على البالغين ؛ لأن إيتاء المال بعد البلوغ ، وإطلاق ذلك على البالغين إنما هو باعتبار الوصف الذي كانوا عليه قبل البلوغ ، لأنه محل اليتم ، وليس موجودا الآن ، إذ لا يتم بعد البلوغ. ولا يخفى أيضا صحة الانتقال لعلاقة ما كان عليه المسمى كما في السببية ، لأن الوصف مشعر بالموصوف في الجملة ، والموصوف كالسبب المؤدي للشيء ، لأن الصغر يئول إلى البلوغ إلا لعارض.
اعتبار ما سيكون
(أما ما يئول إليه) أي : ومن المجاز المرسل تسمية الشيء بالاسم الذي يطلق على ذلك الشيء باعتبار ما يئول إليه يقينا ، أو ظنا ، لا احتمالا ، وأما في الحال فلم يوجد سبب التسمية ، ولا شك أن الارتباط موجود بين الحال وما يئول إليه صاحبه ، وذلك مصحح للانتقال المصحح للتجوز ، وذلك (نحو) قوله تعالى حكاية : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) (١) أي : أعصر عنبا يؤول إلى أن يصير خمرا بعد العصر ، فقد سمي العنب باسم الحال الذي سيحدث ويؤول إليه المسمى ، وإنما لم أقدر أعصر عصيرا يصير خمرا ، لأنه يحتاج إلى تكلف في نسبة العصر إلى العصير ، كنسبة القتل إلى القتيل فإنه لا يصح إلا بالتزام أن الفعل يقارن تعلقه وصف المفعول به ، كما يقال في المفعول المطلق ، والتحقيق أن المفعول يتعلق به الفعل قبل وصفه بالمشتق ، ويترتب عليه صحة الاشتقاق ، وعليه يكون التقدير في أعصر خمرا أستخرج عصيرا يصير خمرا والتقدير الأول يغني عن التأويل ، فليتأمل.
ومما يشبه الإطلاق بحسب التأويل إطلاق اللفظ على الشيء لكونه في قوة الاتصاف بمعنى ذلك اللفظ ؛ كقولك : هذا الخمر مسكر في الدن (٢) ، واتصافه بذلك على وجه الاحتمال كاف على ظاهر كلامهم ؛ وفيه مخالفة لما ذكر في العلاقة الآلية.
__________________
(١) يوسف : ٣٦.
(٢) الدّنّ : ما عظم من الرواقيد (ويشبه ما يعرف عندنا بالزير أو ما هو أكبر) والجمع دنان.