كقولك : خده كالورد فى الحمرة ، فهذا واحد وإن اشتملت الحمرة على مطلق اللونية ومطلق القبض للبصر.
وجه الشبه المنزل منزلة الواحد
(وإما بمنزلة الواحد) أي : وإما أن يكون بمنزلة الواحد (لكونه) اعتبر في التشبيه مجموعه بحيث لا يكفي فيه بعضه وإن كان هو بنفسه (مركبا من متعدد) وهذا الذي بمنزلة الواحد لكونه ركب من متعدد واعتبر في التشبيه مجموعه على قسمين أحدهما أن يكون تركيبه تركيبا حقيقيا وهو الذي يكون فيه كل جزء صحيح الصدق على الآخر أي : صحيح المعروضية والعارضية بحيث يصيران في الخارج شيئا واحدا ، وتلتئم من أجزاء التركيب حقيقة واحدة كقولك : زيد كعمرو في أن كلا منهما حيوان ناطق ، فإن الناطق والحيوان يصح أن يصدق كل منهما على الآخر ، فيقال : الحيوان ناطق والناطق حيوان ، وذلك عند التئامهما على أنهما حقيقة واحدة هي الحقيقة المسماة بالإنسان ؛ وإنما كان هذا التركيب حقيقيا ؛ لأن الجزأين صارا به شيئا واحدا في الخارج ، فتأثير هذا التركيب في تقريب المركب من الوحدة أحق وأقوى ، والغرض من التركيب إفادة هذا المعنى فكان باسم التركيب أحق وأولى ، وقد يقال : المراد بكونه حقيقيا كونه يجعل المركبين حقيقة واحدة وهما متقاربان والوجه الأول أقرب ، وقد تقدم وجه صحة نحو هذا التشبيه ، والآخر أن يكون تركيبه لا حقيقيا ، وذلك بأن يعتبر هيئة اجتماع أمور بحيث لا يصح التشبيه إلا باعتبار تعلقها بمجموع الأجزاء أيضا ؛ ولكن ليس تركيب تلك الأجزاء بحيث يصدق كل منهما على الآخر فيلتئم من الكل حقيقة واحدة كما في القسم الأول وذلك كالوجه في قوله :
كأن مثار النقع فوق رءوسنا |
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه (١) |
فإن الوجه على ما يأتي هو الهيئة الحاصلة من هوى أجرام مشرقة على وجه مخصوص في جنب شيء مظلم ، ومعلوم أن تلك الأجرام المخصوصة لا يصدق عليها ذلك الشيء المظلم ، وأنه لا تلتئم من المجموع حقيقة واحدة ؛ ولكن تلك الهيئة ولو اعتبر
__________________
(١) البيت لبشار بن برد ، ديوانه (١ / ٣١٨) ، والمصباح (١٠٦) ويروى (رؤوسهم) بدل" رؤوسنا".