عاديا لا عقليا ، ومعنى ذكره فى مكانه أن يؤتى به على طريقة التركيب ، وأخرج بذلك ذكر الوصف المشعر بالوجه لأحد الطرفين أو لكليهما ـ كما تقدم ، فإنه لا يذكر على طريق ذكر وجه الشبه ، بأن يقال : كذا مثل كذا مثلا فى كذا ، بخلاف المستتبع هنا فيذكر على هذا الطريق ، (كقولهم فى الكلام الفصيح : هو كالعسل فى الحلاوة) وفى الحجة الواضحة هى كالشمس فى الإشراق ، (فإن الجامع فيه) أى : فى قولهم هو كالعسل فى الحلاوة (لازمها) أى : لازم الحلاوة ، بمعنى أن الوجه المشترك فيه فى هذا التشبيه لازم الحلاوة ، (وهو) أى : لازم الحلاوة (ميل الطبع) واستحسانه للكلام لا نفس الحلاوة ، كما أن الوجه المشترك فى قولهم : الحجة كالشمس فى الإشراق لازم الإشراق ، وهو إزالة الحجاب ، فإن أريد بميل الطبع عدم المنافرة كان اعتباريا كما قيل ، وإن أريد به محبته واشتهاره والفرح به كان حقيقيا ، ثم ما ذكر من أن المذكور هنا ما يستتبع الوجه هو المتبادر بحسب الظاهر ، ويحتمل أن يكون مما ذكر فيه الوجه بنفسه ، ويكون وجود الحلاوة فى الكلام على وجه التخيل ، ووجود الإشراق فى الحجة كذلك وهو الأقرب ، فإن الوجه الأول يرد عليه أن يقال : إن كان ذكر الحلاوة مثلا من التعبير عن الملزوم باللازم ـ كما هو ظاهر كلامهم ـ كان من المجاز ، ولا تسامح فيه ؛ لأنه قد ذكر الوجه ، إلا أنه عبر عنه بلفظ ملزومه ، وإن كان غير ذلك فهو خطأ ، إذ لا واسطة بين المجاز والحقيقة إلا الخطأ ، ولا ينبغى حمل الكلام الفصيح على الخطأ ـ فافهم.
تقسيم آخر للتشبيه باعتبار وجهه :
(و) نعود (أيضا) إلى تقسيم آخر فى التشبيه باعتبار الوجه ، وقد تقدم أن فيه ثلاثة تقسيمات ، وهذا هو الثالث منها ، فنقول التشبيه باعتبار الوجه أيضا :
التشبيه القريب المبتذل
(إما قريب مبتذل) ، والابتذال هو الامتهان ، وذلك يقتضى كثرة الاستعمال ، ويتصور هنا ـ باعتبار التصرف العقلى ـ أن يكون الوجه قريب التناول بحيث يمكن لكل أحد التشبيه به ، ولكن اتفق أنه لم يكثر استعماله فلا يكون مبتذلا ، وأن يكون قريب التناول ، وكثر استعماله فيكون مبتذلا ، وأن يكون بعيدا عن كثير من الإدراكات بحيث