التشطير
(ومن السجع على هذا القول ما يسمى التشطير) أي : إذا بنينا على القول بأن السجع مخصوص بالنثر فما يوجد في النظم مما يشبهه يعد من المحسنات الشبيهة به ، وإذا بنينا على هذا القول وهو القول بأنه يوجد في الشعر فهو قسمان : ما لا يسمى بالتشطير وهو الذي تقدم. وما يسمى بالتشطير (وهو) أي : السجع المسمى بالتشطير في الشعر هو (جعل كل من شطري البيت سجعة) أي : جعل كل شطر صاحب سجعة (مخالفة لأختها) أي : مخالفة للسجعة التي في الشطر الآخر ومن لازم ذلك أن يكون في كل شطر سجعتان متفقتان ضرورة أن السجع موافقة فاصلة لأخرى في الحرف ، فحيث حكم بأن السجعة في الشطر مخالفة لسجعة الشطر الآخر لزم برعاية شطر السجع أن في كل شطر سجعتين ليتحقق معنى السجع فيه ، فحينئذ تكون سجعتاه مخالفتين لسجعتي الآخر ، فالمراد بالسجعة الجنس الشامل لاثنين من الأفراد فأكثر ، وإنما قررناه على تقدير المضاف أي جعل كل من الشطرين صاحب سجعة لما علم أن السجعة إما توافق فاصلتين أو نفس الفاصلة وبكل تقدير لا يكون الشطر نفس السجعة الذي هو ظاهر العبارة بل هو ذو سجعة ، ويحتمل أن يكون لفظ سجعة منصوبا لا على إسقاط مضاف بل بوصف محذوف أي : جعل الشطر مسجوعا سجعة ويحتمل أن يكون أطلق السجعة على مجموع الشطر الذي وجدت فيه تجوزا من إطلاق الجزء على الكل فيصح الكلام بلا تقدير (كقوله) أي : ومثال ما يسمى من السجع تشطيرا قول أبي تمام يمدح المعتصم حين فتح عمورية (تدبير معتصم) (١) هذه سجعة (بالله منتقم) هذه أختها (لله مرتغب) هذه سجعة الشطر الثاني (في الله مرتقب) هذه أخت التي قبلها ، ولا يخفى أن سجعتي الشطر الأول بالميم وسجعتي الثاني بالباء فهذا تشطير ؛ لأنه جعل سجعتي الشطر الأول مخالفتين لأختيهما من الشطر الثاني وقد وجد السجع في البيت بلا سكون ، وبه يعلم أن العدول إلى السكون في السجع إنما هو عند الحاجة إليه
__________________
(١) البيت لأبى تمام فى ديوانه ص (٢٠) ، والمصباح ص (١٦٨) ، والإشارات ص (٣٠٢) ، وشرح عقود الجمان (٢ / ١٦١) ، والعمدة لابن رشيق (٢ / ١٢٣).