لفظ المشبه به للمشبه وذلك عند إرادة الإتيان بالحسن ؛ لأن التشبيه يمتنع وتجب الاستعارة وقد تقدم مقتضى هذا الكلام واردا على الكلام السابق ، وهو أن التشبيه أعم محلا والذي تقدم هو أنه إن أراد التشبيه والاستعارة الحسنين فبينهما عموم من وجه ، وإن أراد مطلقهما فهما متحدان وإنما حسنت الاستعارة عند قوة الشبه لئلا يصير إلحاق أحدهما بالآخر كتشبيه الشيء بنفسه الممنوع ، وما يقرب من الممنوع لا أقل من أن يكون قبيحا ، فعلى هذا تقول إذا فهمت مسألة حصل في قلبي نور مستعيرا للعلم الحاصل في قلبك لفظ النور ولا تقول : حصل في قلبي علم كالنور مشبها للعلم بالنور إذ هو كتشبيه الشيء بنفسه لقوة المشابهة بظهور الاهتداء به كما في النور ، وإذا وقعت في قلبك شبهة : تقول وقعت في قلبي ظلمة مستعيرا لفظ الظلمة للشبهة ، ولا تقول : وقعت في قلبى شبهة كالظلمة مشبها للشبهة بالظلمة ؛ لقوة الوجه في الشبهة وهو عدم الاهتداء والتحير ، كما في الظلمة ولما كان الكلام السابق ظاهرا في حسن الاستعارة التحقيقية والتمثيلية ؛ أشار إلى ما به حسن المكنى عنها والتخييلية فقال (و) الاستعارة (المكنى عنها) كقوله :
لدى أسد شاكي السلاح مقذف |
له لبد أظفاره لم تقلم |
حسنها (ك) حسن (التحقيقية) والتمثيلية في أن ذلك إنما يحصل برعاية جهات حسن التشبيه بل هي أمس وأظهر في ثبوت حسن الرعاية بما ذكر ، لا سيما على مذهب المصنف ؛ إذ ليس ثم لفظ منقول حسا من المشبه إلى المشبه به ، وإنما هناك تشبيه مضمر إما بتقدير لفظ أو بدونه مع المبالغة فيه فكونها كالتحقيقية في هذه الرعاية واضح على كل مذهب ، وأما كونها كهي في أن لا يشم فيها رائحة التشبيه لفظا فظاهر عبارة المصنف اعتباره وفيه بعد ؛ لأن إشمامه بذكر المشبه مع المشبه به من غير أن يكون ذلك على وجه ينبئ عن التشبيه أو بذكر الآلة لا يكاد يتصور ؛ لأن الذي يذكر لفظ المشبه فقط وأما إشمامه بالإشارة إلى الوجه فلا يخلو منه ؛ لأن اللوازم تشعر بالوجه ، اللهم إلا أن يقال : الحسن فيها بعدم الإشمام الذي يحصل بذكر الوجه على وجه لا ينبئ عن التشبيه ، كأن يقال : إذا أنشبت