(٤٥١) والثانية : المطلوب بها صفة :
فإن لم يكن الانتقال بواسطة : فقريبة واضحة ؛ كقولهم ـ كناية عن طول القامة : «طويل نجاده» ، و «طويل النجاد» ، والأولى ساذجة ، وفى الثانية تصريح مّا ، لتضمّن الصفة الضمير ، أو خفية ؛ كقولهم ـ كناية عن الأبله ـ : «عريض القفا».
وإن كان بواسطة : فبعيدة ؛ كقولهم : «كثير الرماد» كناية عن المضياف ؛ فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور ، ومنها إلى كثرة الطبائخ ، ومنها إلى كثرة الأكلة ، ومنها إلى كثرة الضّيفان ، ومنها إلى المقصود.
(٤٥٨) الثالثة : المطلوب بها نسبة ؛ كقولهم [من الكامل] :
إنّ السّماحة والمروءة والنّدى |
فى قبّة ضربت على ابن الحشرج (١) |
فإنه أراد أن يثبت اختصاص ابن الحشرج بهذه الصفات ؛ فترك التصريح بأن يقول : «إنه مختصّ بها ، أو نحوه» ، إلى الكناية ، بأن جعلها فى قبة مضروبة عليه. ونحو قولهم : «المجد بين ثوبيه ، والكرم بين برديه».
(٤٦٢) والموصوف فى هذين القسمين قد يكون غير مذكور ؛ كما يقال فى عرض من يؤذى المسلمين : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (٢).
أما القسم الأول ـ وهو ما يكون المطلوب بالكناية نفس الصفة ، وتكون النسبة مصرحا بها ـ : فلا يخفى أن الموصوف بها (٣) يكون مذكورا لا محالة ، لفظا أو تقديرا.
(٤٦٤) قال (٤) السكاكيّ : «الكناية تتفاوت إلى تعريض ، وتلويح ، ورمز ، وإيماء وإشارة ، والمناسب للعرضية : التعريض ، ولغيرها ـ إن كثرت الوسائط ـ : التلويح ، وإن قلّت ـ مع خفاء ـ : الرمز ، وبلا خفاء : الإيماء والإشارة».
__________________
(١) البيت لزياد الأعجم. المصباح ص ١٥٢ ، والطراز ص ١٧٨ ، والإيضاح ص ٤٦٢.
(٢) حديث صحيح أخرجه الشيخان فى الإيمان وغيرهما.
(٣) من (شروح التلخيص) وفى (متنه): (فيها).
(٤) من شروح التلخيص.