فقال : إذا التقى الختانان ، فقد وجب الغسل. فقلت : التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟
قال : نعم.
وفي هذا الخبر ـ أيضا ـ دلالة على وجوب الغسل لنفسه ، فيمكن أن يحمل قوله ـ عليه السّلام ـ في الخبر الأوّل : «فجاءها ما يفسد الصّلاة» على أنّ وقت وجوب الغسل هو وقت لا ينافيه شيء ، فإنّ وقت الوجوب على المنزل وقت تمام إنزاله ، وإن صار جنبا بأوّل الإنزال فلا يغتسل حتّى يتمّ إنزاله ، فكذا الجنب الّذي جاءها الحيض وقت وجوبه عليها إنّما هو وقت عدم طريان المنافي ، وطريان الحيض مناف.
ويمكن أن يحمل قوله في الخبر الثّاني : «ليس بعده ولا قبله وضوء» على أنّه إن أراد الصّلاة يصلّي بالغسل ، ولا يحتاج إلى الوضوء فيه بخلاف باقي الأغسال. وليس في الخبر الأخير دلالة حتى يحتاج إلى الحمل.
وفي من لا يحضره الفقيه (١) : جاء نفر من اليهود إلى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله أن قال : لأيّ شيء أمر الله ـ تعالى ـ بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول؟
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ آدم لمّا أكل من الشّجرة ، دبّ ذلك في عروقه وشعره وبشره. فإذا جامع الرّجل أهله خرج الماء من كلّ عرق وشعرة في جسده ، فأوجب الله ـ عزّ وجلّ ـ على ذرّيّته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة.
والبول يخرج من فضلة الشّراب الّذي يشربه الإنسان ، والغائط يخرج (٢) من فضلة الطّعام الّذي يأكله الإنسان ، فعليه في ذلك الوضوء.
قال اليهوديّ : صدقت ، يا محمّد.
(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) : قد مضى تفسيره ، ولعلّ تكريره ليتّصل الكلام في بيان أنواع الطّهارة.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٤٣ ، ح ١.
(٢) ليس في المصدر.