أصحابه ينهونه عمّا يصنع. ثمّ أرسله بعد ذلك ، فبينا (١) الرّجل نائم إذ جاءته حيّة فدخلت في فيه ، فلم تدعه حتّى جعل يحدث كما أحدث الثّعلب ثمّ خلت عنه.
والخبر الّذي وعدنا [به] سابقا ، هوما ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٢) قال :
حدّثني محمّد بن الحسين (٣) ، عن محمّد بن عون النّصيبيّ قال : لمّا أراد المأمون أن يزوّج أبا جعفر محمّد بن عليّ بن موسى ـ عليهم السّلام ـ ابنته أم الفضل ، اجتمع إليه أهل بيته الأدنين منه فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ننشدك الله أن تخرج (٤) عنّا أمرا قد ملكناه ، وتنزع عنّا عزّا قد ألبسنا الله. فقد عرفت الأمر الّذي بيننا وبين آل عليّ قديما وحديثا.
فقال المأمون : اسكتوا ، فو الله لا قبلت من أحد منكم (٥) في أمره.
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أفتزوّج (٦) قرّة عينك صبيّا لم يتفقّه في دين الله ، ولا يعرف فريضة ولا سنّة ، ولا يميّز بين الحقّ والباطل ـ ولأبي جعفر يومئذ عشر سنين ، أو إحدى عشرة (٧) سنة ـ فلو صبرت عليه حتّى يتأدّب ويقرأ القرآن ، ويعرف فرضا من سنّة.
فقال لهم المأمون : والله إنّه لأفقه منكم ، وأعلم بالله ورسوله وفرائضه وسننه وأحكامه ، وأقرأ لكتاب الله ، وأعلم بمحكمه ومتشابهه وخاصّه وعامّه وناسخه ومنسوخه وتنزيله وتأويله منكم. فاسألوه ، فإن كان الأمر كما قلتم قبلت منكم في أمره ، وإن كان كما قلت علمتم أنّ الرّجل خير منكم. فخرجوا من عنده ، وبعثوا إلى يحيى بن أكثم ، وأطمعوه في هداياهم بأن (٨) يحتال على أبي جعفر بمسألة لا يدري كيف الجواب فيها عند المأمون إذا اجتمعوا للتّزويج. فلمّا حضروا وحضر أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا يحيى بن أكثم ، إن أذنت له أن يسأل أبا
__________________
(١) هكذا في أ. وفي المصدر : «فبينما» وهو الصحيح أيضا. وفي سائر النسخ : فبين.
(٢) تفسير القمي ١ / ١٨٢.
(٣) المصدر : محمد بن الحسن.
(٤) هكذا في ر. وفي الأصل : «نخرج.» وفي أ: «يخرج.»
(٥) المصدر : أحدكم.
(٦) هكذا في أ. وفي سائر النسخ والمصدر : تزوّج.
(٧) المصدر : أحد عشر.
(٨) هكذا في أ. وسائر النسخ : «هذا أن» بدل «هداياهم بان.»