ينشدني (١) :
فإيه أبا الشدّاد إنّ وراءنا ... |
|
أحاديث تروى بعدنا في المعاشر |
يدعوني بذلك إلى تتمة الغرض من علمي المعاني والبيان ، في تحصيل ما قد اعترض مطلوبا ، كما ترى ، فها نحن لدعوته مجيبين ، بإملاء ما يستمليه المقام في فنين ، يذكر في أحدهما ما يتعلق بالنظم ، توخيا لتكميل علم الأدب ، وهو إتباع علم المنثور وعلم المنظوم ، وتفصيلا لشبه يتمسك بها من جهته ، ثم يذكر في الثاني دفع المطاعن ، فاعلين ذلك ؛ تحقيقا لظن نظنه أنك منا طامع في أن نسوق إليك الكلام على هذا الوجه.
وإن أحببت سبب الظن فأصخ : أليس متى جاء دافع وهي مفصلة عندك ، كان أجلب لثلج الصدر ، منك إذا جاء وهي مجملة؟ وهل إذا فضل المتكلم العالم بمداخل الفلسفة ومخارجها على المتكلم الجاهل بذلك ، فضل عليه بغير هذا؟.
لا أسيء بك الظن ، فأعدك عن تحقق ذلك على ريبة ، فقل لي وقد ألفت أن أكون المتطلب لك من المقامين أفضلهما ، وشبه الجهلة فيما نحن بصدده مختلفة فمن عائدة إلى علم الصرف ، ومن عائدة إلى علم النحو ، ومن عائدة إلى علم المعاني والبيان ، ومرجع ذلك كله إلى علم المنثور ، وقد ضمن اطلاعك كتابنا هذا على تفاصيل الكلام هناك. ومن عائدة إلى علم المنظوم وهو علم الشعر ، ونحن إلى الآن ما قضضنا عن التعرض له الخيام ، أفلا يورثنا ذا أن نظنك تنزع إلى المألوف ، وأنك بتلك الطماعية موصوف ، وهذا أوان أن نسوق إليك الحديث (٢).
__________________
(١) البيت من الطويل.
(٢) في هامش (غ) : في (ب): (والله أعلم ، تم قسم الاستدلال).