أو يجعل الثالث في اللاحقة معاندا لكل مبتداها ، فينعقد العناد بينهما كليّا من الجانبين ، ويجعل كله أو بعضه كيف كان ملزوما لخبر السابقة ، فيصير مستلزما لبعض الخبر الذي هو مبتدأ المطلوب ، ومعاندا لكل خبر المطلوب ، ويفرق بين الخبرين تفريقا بعضيا ، والألزم القدح في كونه مستلزما معاندا ، ويلزم الجمع بين النقيضين.
مثال الضرب الأول منهما : كل إنسان حيوان ، ولا شيء من الأفراس بإنسان ، يلزم منه : لا كل حيوان فرس. ومثال الضرب الثاني منهما : بعض الحيوانات أبيض ، ولا شيء من الحجر بحيوان ، يلزم منه لا كل أبيض حجر.
أو يجعل الثالث لازما في اللاحقة كلية ، مستلزما بعضه لكل مبتداها ، و [يجعله](١) مباينا في السابقة كليا ، فيصير مباينا لكل مبتدأ المطلوب ، مستلزما لكل خبره ، ويفرق بينهما تفريقا كليا والألزم القدح في كونه مباينا مستلزما ، ويلزم الجمع بين النقيضين ، والذي صير ضروب هذه الصورة الستة عشر إلى خمسة التفصيل المذكور وهو : كلية السابقة مثبتة في الإثبات ، وكليتها منفية في النفي مع كلية اللاحقة ، وكلية اللاحقة منفية ، والسابقة كيف كانت.
واعلم أن خلاصة هذه الصور الأربع وضروب تأليفاتها التسعة عشر راجعة إلى حرف واحد وهو : أن المبتدأ متى لم يكن معلوما من نفسه مجامعته للخبر فيثبت ، أو مفارقته له فينفي [بطلب](٢) ثالث بينهما يجمعهما أو يفرقهما ، ثم الحاكم في جمع الثالث أو تفريقه أحكام أصلين : أحدهما : أن لزوم الشيء لكل آخر أو بعضه ينعكس بعضيا ، وأن عناد الشيء لكل آخر ينعكس كليا ، فملزوم اللازم مستلزم لبعض أفراد اللازم بالقطع استلزاما من الجانبين : استواء وانعكاسا ، وثانيهما : أن المستلزم لا ينفك عن المستلزم ، فإن كان المستلزم ثبوت شيئين اجتمعا ، وإن كان ثبوت واحد وانتفاء آخر تفرقا ، فأنت متى وجدت الثالث متحدا ، إما لكونه كلا في السابقة واللاحقة ،
__________________
(١) في (د) و (غ) يجعل.
(٢) في (د) و (غ) يطلب.