وعن تعريفه بما لا يعرف إلا به ، مثل قول من يقول في تعريف الخبر : خ خ هو الكلام المحتمل للصدق والكذب ، ثم يعرف الصدق خ خ بأنه الخبر المطابق.
وعن تعريفه بما هو أخفى ، مثل قول من يقول في تعريف الصوت : خ خ هو كيفية تحدث من تموج الهواء المنضغط بين قارع ومقروع انضغاطا بعنف.
وعن تعريفه بما يساويه ، مثل قول من يقول في تعريف السواد : خ خ هو ما يضاد البياض.
وهاهنا عقدة وهي ؛ أنّا نعلم علما قطعيا أن تعريف المجهول بالمجهول ممتنع ، وأن لا بد من كون المعرف معلوما قبل المعرّف ، وذلك يستلزم امتناع طلب التعريف واكتساب شيء به ، يبين ذلك أن المذكور في الحد ، إما أن يكون نفس المحدود أو شيئا غيره ؛ إما داخلا في نفس المحدود أو خارجا عنه ، أو متركبا من داخل وخارج ؛ فإن كان نفس المحدود ، لزم تعريف المجهول بالمجهول ، ولزم كون الشيء معلوما قبل أن يكون معلوما ؛ وفي ذلك كونه معلوما مجهولا معا من حيث هو هو ؛ وإن كان شيئا غيره ، فذلك بأي اعتبار فرض من الاعتبارات الثلاثة : إما أن يكون له اختصاص بنفس المحدود ، أو لا يكون ؛ فإن لم يكن ، لزم من طلب التعريف به لذلك المحدود دون ما سواه طلب [ترجيح](١) أحد المتساويين ، وإنه محال ؛ وإن كان ، فذلك الاختصاص إن لم يكن معلوما للمخاطب لزم ما لزم في غير المختص ، وإن فرض معلوما للمخاطب ، ولا شبهة في أن الاختصاص نسبة لأحد طرفيه إلى ثانيه متأخرة عنهما من حيث هما هما ، نازلة منزلة التركيب بين أجزاء ، استدعى كونه معلوما كون طرفيه معلومين من قبل ؛ ولزم الدور إذ لا يكون علم بالمحدود ما لم يسبق علم بالحد المختص به ، ولا يكون علم بالمختص به ما لم يكن علم باختصاص له به ، ولا يكون علم باختصاص له به ما لم يسبق علم بطرفي الاختصاص ، لكن أحد طرفيه هو نفس المحدود.
وحل هذه العقدة هو : أن المراد بالتعريف أحد أمرين : إما تفصيل أجزاء المحدود ،
__________________
(١) في (د) : ترجح.