الألمعيّ الذي يظنّ بك الظن ... |
|
كأن قد رأى وقد سمعا |
حكي عن الأصمعي أنه سئل عن الألمعي ، فأنشده ولم يزد ، ومما تواخى هذا قوله جل وعلا : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً)(١) عن أحمد بن يحيى قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر : ما الهلع؟ فقلت : قد فسره الله تعالى.
أو مدحا له كقولك : الله الخالق البارئ المصور ، أو كما إذا قلت : المتقي الذي يؤمن ويصلي ويزكي على هدى ، ولم ترد إلا مدحه ، أو ذمّا له ، كقولك : إبليس اللعين ضال مضل ، أو مخصصا له زيادة تخصيص ، مفيدا غير فائدة الكشف أو المدح كقولك : زيد التاجر عندنا ، أو كما إذا قلت : المتقي الذي يؤمن ويصلي على هدى ، وأنت تريد بالمتقي المجتنب عن المعاصي ، أو تأكيدا له مجردا كقولك : أمس الدابر لا يعود ، وكان ما تعلق بالوصف مطلوبا ، ولما ترى من طلب التمييز بالوصف وامتناع أن تميز شيئا عن شيء بما لا تعرفه له يمكنك أن تتوصل به إلى أن حق الوصف كونه عند السامع معلوم التحقق للموصوف ، ولعلمك بأن تحقق الشيء للشيء فرع تحققه في نفسه ، لا يشتبه عليك أن حق كل وصف هو أن يكون في نفسه ثابتا متحققا ، وأن حق كل ما تقصد ثبوته للغير أن يكون في نفسه ثابتا ، وعندك ، فما لا يكون ثابتا كذلك أو متحققا يمتنع منك جعله وصفا ، وكذا خبرا أيضا ، بحكم عكس النقيض.
وعسى إذا استوضحت ما أريناكه أن تجذب بضبعك ، في تزييف رأي من لا يرى الصفة معلومة ، وأن تتحقق أن محاولة إثبات الثابت في نفسه لشيء آخر يستدعي ثبوت ذلك الشيء الآخر في نفسه لا محالة ، ثم لعلمك أن الطلب سعي في التحصيل ، وأن تحصيل الحاصل ممتنع ، كما سيأتيك كل ذلك في قانون الطلب ، تعلم أن مطلوبك مثله في نحو : هل رأيت كذا؟ وفي نحو : اضرب ، يمتنع أن يكون ثابتا عندك ومتحققا ، فيمتنع
__________________
(١) سورة المعارج ، الآيات : ١٩ ـ ٢١.