وأمّا القسم الثالث فالأمر فيه كما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من أنّ الملكية والزوجية وأمثالهما مجعولة بالاستقلال ، لا أنّها منتزعة من التكليف كما اختاره الشيخ (١) قدسسره فانّ انتزاعها من التكليف وإن كان ممكناً في مقام الثبوت ، إلاّأنّ مقام الاثبات لا يساعد عليه لكونه خلاف ظاهر الأدلة ، إذ المستفاد من قوله عليهالسلام : «الناس مسلّطون على أموالهم» (٢) أنّ جواز التصرف مسبوق بالملكية ومن أحكامها ، لا أنّ الملكية منتزعة من جواز التصرف ، فانّ الحكم بجواز التصرف يستفاد من قوله عليهالسلام : «مسلطون» والملكية من الاضافة في قوله عليهالسلام : «أموالهم».
فظاهر الحديث أنّ الملكية متقدمة على جواز التصرف تقدم الموضوع على الحكم ، وكذا عدم جواز التصرف في ملك الغير الذي يستفاد من قوله عليهالسلام : «لا يحل مال امرئ إلاّبطيب نفسه» (٣) فظاهره أنّ عدم جواز التصرف من آثار الملكية ومتأخر عنها رتبةً تأخر الحكم عن موضوعه ، لا أنّها منتزعة من عدم جواز تصرف الغير.
وكذا الزوجية والرقية وغيرهما من الأحكام الوضعية ، فانّ الرجوع إلى الأدلة يشهد بأنّ جواز الاستمتاع من آثار الزوجية ومتفرع عليها ، لا أنّ الزوجية منتزعة من جواز الاستمتاع له ، أو عدم جواز الاستمتاع للغير.
مضافاً إلى أنّه لا تلازم بين الملكية وجواز التصرف ، ولا بينها وعدم جواز تصرف الغير ، فانّ النسبة بين الملكية وجواز التصرف هو العموم من وجه ، إذ
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٠٣.
(٢) عوالي اللآلي ٣ : ٢٠٨ ح ٤٩ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢.
(٣) الوسائل ٥ : ١٢٠ / أبواب مكان المصلي ب ٣ ح ١ (باختلاف يسير).