تقليد الأموات وجب تقليد أعلمهم ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله ، بيان الملازمة : أنّا نعلم ولو إجمالاً بمخالفة الأموات والأحياء في الفتوى ، وقد ذكرنا سابقاً أنّه مع العلم بالاختلاف يجب تقليد الأعلم ، فاذن يجب الفحص عن أعلم جميع العلماء : الأموات والأحياء ، وتقليده ، وينحصر جواز التقليد بشخص واحد من عصر المعصوم عليهالسلام إلى زماننا هذا. أمّا بطلان التالي ، فبضرورة المذهب القاضية بفساد مسلك العامة الحاصرين لمنصب الفتوى في العلماء الأربعة. هذا كله في التقليد الابتدائي.
وأمّا البقاء على تقليد الميت ، فالظاهر جوازه ، لما تقدم من أنّ السيرة العقلائية جارية على الرجوع إلى نظر أهل الخبرة حياً كان أو ميتاً. وما ذكرناه من الأدلة الدالة على اعتبار الحياة في المفتي لايشمل البقاء. أمّا الاجماع فظاهر ، فانّ مورده التقليد الابتدائي ، وذهب جمع من المحققين إلى جواز البقاء على تقليد الميت ، فلا يمكن دعوى الاجماع على عدم جوازه. وأمّا الآيات والروايات ، فانّها تدل على اشتراط الحياة في المفتي عند التعلم منه والسؤال ، وأمّا اعتبار أن يكون العمل أيضاً في حال حياته فلا.
وأمّا ما ذكرناه أخيراً من الوجه لعدم جواز تقليد الميت ، فهو أيضاً لا يجري في البقاء ، فانّ القول بجواز البقاء على تقليد الميت لا يستلزم الانحصار المزبور كما هو واضح ، فلم يثبت ردع من الشارع عن السيرة القائمة على الرجوع إلى رأي العالم ولو بعد موته ، بل لو أغمضنا النظر عن السيرة تكفي في إثبات بقاء حجية رأي المفتي بعد مماته في حق من تعلم منه الأحكام في زمان حياته ، الاطلاقات الدالة على حجية الفتوى ، فانّ مقتضاها جواز العمل برأي من تعلم منه الأحكام في حياته مطلقاً ولو بعد مماته ، هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.