فلا مجال لجريانه.
والجواب عنه : يظهر بما ذكرناه في الواجب المشروط (١) والتزم هو (٢) قدسسره به أيضاً من أنّ الأحكام الشرعية اعتبارية لا وجود لها إلاّفي عالم الاعتبار القائم بالمعتبر وهو المولى ، وليست من سنخ الجواهر والأعراض الخارجية ، بل وجودها بعين اعتبارها من المعتبر ، والاعتبار إنّما هو بمنزلة التصور ، فكما أنّ التصور تارةً يتعلق بمتصور حالي واخرى بمتصور استقبالي ، فكذا الاعتبار تارةً يتعلق بأمر حالي واخرى يتعلق بأمر استقبالي بحيث يكون الاعتبار والابراز في الحال والمعتبر في الاستقبال كالواجبات المشروطة قبل تحقق الشرط ، فانّ الاعتبار فيها حالي والمعتبر وهو الوجوب استقبالي ، لعدم تحققه إلاّبعد تحقق الشرط ، ونظيره في الوضع الوصية فان اعتبار الملكية في موردها حالي ، إلاّأنّ المعتبر أمر استقبالي وهي الملكية بعد الوفاة.
فتحصّل مما ذكرنا : أنّ الواجب المشروط ما لا يكون فيه قبل تحقق الشرط إلاّ مجرد الاعتبار ، وجميع الأحكام الشرعية بالنسبة إلى موضوعاتها من قبيل الواجب المشروط ، فقبل تحققها لا يكون بعث ولا زجر ولا طاعة ولا معصية ، فتحقق الأحكام الشرعية الذي نعبّر عنه بالفعلية يتوقف على أمرين : الجعل وتحقق الموضوع ، فاذا انتفى أحدهما انتفى الحكم ، مثلاً وجوب الصلوة بعد زوال الشمس يتوقف على جعل الوجوب من المولى وتحقق الزوال في الخارج ، فاذا زالت الشمس ولم يحكم المولى بشيء يكون الحكم منتفياً بانتفاء الجعل ، فما لم يتحقق الموضوع وإن كان لا يترتب أثر على استصحاب عدم الجعل إلاّأ نّه
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٢ : ١٤٦.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢١٠.