بالمتيقن الثاني دون الأوّل ، فيجري الاستصحاب في الحرمة دون عدمها ، نظير ما إذا علمنا بعدم نجاسة شيء ثمّ علمنا بنجاسته ثمّ شككنا في نجاسته ، فلا مجال لجريان استصحاب عدم النجاسة ، لانفصال زمان المشكوك فيه عن المتيقن ويجري استصحاب النجاسة بلا معارض.
أقول : أمّا ما ذكره من جهة الكبرى وهو عدم اعتبار اتصال زمان نفس الشك بزمان اليقين نفسه ، فهو حق كما ذكره ، فانّا لو علمنا بعدالة زيد مثلاً ثمّ غفلنا عنها يوماً أو أزيد ، ثمّ شككنا في بقائها ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب مع عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، بل يمكن جريان الاستصحاب مع وحدة زمان الشك واليقين على ما ذكرنا سابقاً (١) في بيان الفرق بين موارد الاستصحاب وقاعدة اليقين ، فالمعتبر هو اتصال زمان المشكوك فيه بالمتيقن لا اتصال زمان الشك باليقين.
وأمّا ما ذكره من حيث الصغرى فيرد عليه : أنّ زمان المشكوك فيه متصل بزمان المتيقن في المقام ، لأنّ لنا شكاً ويقينين ، والمشكوك فيه متصل بكلا المتيقنين لا بأحدهما فقط ، لأنّ اليقين بعدم جعل الحرمة واليقين بالحرمة مجتمعان معاً في زمان واحد ، فلنا يقين بعدم جعل الحرمة لما بعد الانقطاع في زمان ، ويقين بالحرمة حال رؤية الدم ، وشك في الحرمة بعد الانقطاع ، ومن المعلوم أنّ اليقين بالحرمة حال رؤية الدم لا يوجب نقض اليقين بعدم جعل الحرمة لما بعد الانقطاع ، وهذا هو مراد الفاضل النراقي بقوله : إنّ اليقين بعدم الحرمة لم ينتقض باليقين بالحرمة.
الثاني : أنّ استصحاب عدم الجعل معارض بمثله في رتبته ، فان استصحاب
__________________
(١) في ص ٨ ـ ٩.