وأمّا المقام الثاني : فعلى القول بالفساد يكون المؤجر مدعياً للفساد والمستأجر مدعياً للصحة ، ولا وجه لتقديم قول المستأجر ، لعدم إحراز وقوع الاجارة على السنة ليحكم بصحتها بمقتضى أصالة الصحة. وجريانها في الاجارة على إجمالها لا يثبت وقوعها على السنة وكون منفعة الدار للمستأجر فيها ، إلاّعلى القول بالأصل المثبت ولا نقول به ـ كما تقدّم (١) ـ فيحكم بتقديم قول المؤجر وفساد الاجارة إلاّأن يثبت المستأجر صحتها.
وأمّا على القول بصحة الاجارة بالنسبة إلى الشهر الأوّل ، فيكون المؤجر أيضاً مدعياً للصحة ، فيدخل في باب التداعي ، إذ المؤجر يدعي فرداً من الاجارة الصحيحة ، والمستأجر يدعي فرداً آخر منها ، فلو لم تقم البينة من طرف أصلاً ، تصل النوبة إلى التحالف ، فيتحالفان وتنفسخ الاجارة بالتحالف ، نظير ما إذا اختلف البائع والمشتري في المثمن مع الاتفاق على صحة البيع ، أو اختلفا في الثمن ، فبعد التحالف ينفسخ البيع ، ويردّ كل من الثمن والمثمن إلى مالكه. وأمّا التقييد بقوله هنا ـ بعد قوله : فالأقوى صحة العقد في الشهر الأوّل ـ على ما في جامع المقاصد (٢) وإن لم يكن في عبارة الشيخ قدسسره ، فلم يتضح لنا إلى الآن وجهه.
المثال الثالث : ما نقله الشيخ أيضاً عن العلامة قدسسره وهو ما إذا اختلف المؤجر والمستأجر في تعيين المدة أو الاجرة ، فادعى المستأجر التعيين وأنكره المؤجر ، واستشكل في تقديم قول المستأجر لأصالة الصحة ، ثمّ قال :
__________________
(١) في التنبيه الثامن من تنبيهات الاستصحاب ص ١٨١.
(٢) جامع المقاصد ٧ : ٣٠٨.